للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لينام أو يقتل الوقت، ولكنه كان صاحب مهمة سياسية وعلمية. وممن تعرف عليهم وربط معهم علاقات، الشيخ محمد بن يوسف اطفيش في ميزاب والشيخ محمد العروسي، شيخ الزاوية التجانية في قمار، والشيخ الهاشمي، زعيم القادرية في عميش (الوادي).

وكان للحكومة الفرنسية مخططات في الصحراء تريد الوصول إلى أقاصيها، وربط شمال إفريقيا بغربها وبالسودان. ولا بد قبل ذلك من معرفة المسالك والقبائل والواحات والآبار واللهجات والسكان. وكان موتيلانسكي خير مؤهل لهذه المهمة. ذهب أولا إلى وادي سوف سنة ١٩٠٣ واتصل بصديقه الشيخ محمد العروسي الذي وفر له شروط الالتقاء بأهل غدامس بالوادي. وراسل الشيخ العروسي بشأنه مقدمي التجانية في منطقة الطوارق والهقار وغدامس. والتقى موتيلانسكي في الوادي بأشخاص من غدامس وتحدث معهم عن رحلة إلى بلادهم وتعرف على لهجتهم. ثم قدم تقريرا لحكومته عن زيارته لسوف ولهجة غدامس (١). وبعد سنة واحدة ١٩٠٤ ذهب موتيلانسكي بنفسه إلى غدامس وكتب رحلته في شكل تقرير إلى حكومته وإلى عالم الاستشراق، فهو قد درس في غدامس اللهجة والسكان والتجارة والتاريخ، الخ.

كان موتيلانسكي في أوج عطائه في فاتح القرن. وبالإضافة إلى ما ذكرنا شارك في مؤتمر المستشرقين بالجزائر. وقام ببعثة أخرى في الصحراء - في الهقار - سنة ١٩٠٥. ولكنه رجع منها منهوك القوى مصابا بمرض التيفوس الذي لم ينج منه، فتوفي في مارس ١٩٠٧ في مدينة قسنطينة. وكان عمره آنذاك ٥٣ سنة. وقد أقيم له حفل تأبين حضره زملاؤه الفرنسيون في الجمعية الأثرية لقسنطينة وفي المدرسة. كما حضره مفتش الأكاديمية وشيخ البلدية. ولكن الملفت للنظر أن من بين الحاضرين


(١) عن رحلته إلى سوف انظر المجلة الآسيوية، ١٩٠٣، السلسلة العاشرة، المجلد ٢، ص ١٥٧ - ١٦٢. وقد ترجمنا ذلك إلى العربية ونشرته مجلة الثقافة، ١٩٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>