الجزائر). ومن رأيه أن اللغة العربية ليست وسيلة اتصال بالجزائريين فقط بل بالعالم الاسلامي والإفريقي أيضا. وهي التي ستجعل الأوروبيين يربطون علاقات بالشعوب الاسلامية، وهي علاقات لا تكفي فيها الكتب حسب نظرته.
وقد ظهرت عدة كتب تعليمية أخرى خلال هذه المرحلة، كانت كلها تبحث عن أفضل الطرق لتوصيل العامية الجزائرية للأوروبيين. وكان علماء ألمانا والانكليز قد سبقوا إلى وضع مناهج جديدة في تعليم اللغة، وقد تأثر بهم السيد ماشويل الذي كان متوليا كرسي اللغة العربية في وهران. فنشر ماشويل كتابا في قواعد اللغة العامية وبناه على المنهج الالماني والانكليزي الجديد ووجهه للشباب، قائلا بصراحة إنه استفاد من أعمال روبيرتسون، وأوطو، واولندروف أكثر مما استفاد من منهج زملائه الفرنسيين، أمثال برييه وشيربونو (١).
وقد عالج ماشويل أيضا موضوع اللغة والاستعمار، وحاول إقناع قومه بضرورة تعلم العربية (تنازلا) منهم لتعلم لغة المنهزم، من أجل المصلحة الاستعمارية فقط، وإلا فإن اللغة الفرنسية هي لغة السيادة ولغة المنتصر. وكان في ذلك يرد على من يقول: إن الواجب على (الأهالي) أن يتعلموا اللغة الفرنسية وليس العكس. وقال إن الوقت لم يحن بعد أن يأتي الأهالي أفواجا إلى الفرنسيين، ولذلك فإن على هؤلاء أن يعطوهم مبادئهم وأفكارهم بتعلم العامية والتقرب منهم. وكان ماشويل قبل التحاقه بوهران، أستاذا في ليسيه الجزائر للعربية الدارجة، وكان يطبق نظريته التعليمية على طلابه في الليسيه أولا. وقد ذكرنا أنه بعد وهران عين لإدارة التعليم في تونس.
كذلك نشر شيربونو أعمالا في اللغة معظمها حول دروسه العملية لطلابه. وكادت لا تخرج عن تمارين النحو والصرف، وقواعد تعلم الدارجة الموجه إلى الأوروبيين. وله عمل حول تصريف الأفعال في الدارجة وأصول وشكل اللهجة العربية الجزائرية وهي كلها تدخل في دراسة علم اللهجات.
(١) مقدمة ط. ٢ من كتابه المطبوع في الجزائر سنة ١٨٧٥ ثم طبع طبعات أخرى أيضا.