وزيرا للحربية، فتنكر للأمير وضيق عليه الخناق ولم يطلق سراحه ليتوجه إلى المشرق، كما وعده. وكان من المفروض أن يخفف البارون بواسوني أهوال الغربة على الأمير وأن يشرح له الأسباب السياسية التي جعلت حكومة فرنسا تسجنه بدل أن تطلق سراحه. وظل إطلاق سراح الأمير ينتظر إلى أكتوبر ١٨٥٢ حين تولى نابليون الحكم بنفسه، وعندئذ توجه بواسوني مع الأمير إلى اسطنبول.
شارك بواسوني كذلك في الجمعية الأثرية بقسنطينة ومجلتها. وشجع مجموعة من المثقفين الجزائريين الذين مالوا للفرنسيين، على تأليف كتب ومذكرات حول قسنطينة، ومنهم محمد الصالح العنتري الذي كتب (الفريدة المؤنسة) و (هدية الاخوان)، بدافع منه. وكان بواسوني يراسل محمد الشاذلي الذي تولى القضاء ثم إدارة المدرسة الفرنسية - الشرعية. ودامت المراسلات بينهما طويلا حتى بعد انتقال بواسوني من قسنطينة. وكان الشاذلي قد زار قصر امبواز وبقي مع الأمير فترة لتسليته. ولعل جلب الشاذلي إلى هناك كان بإيعاز من بواسوني نفسه لأنه كان يعرفه في قسنطينة. وقد شارك بواسوني أيضا في تأسيس الجمعية التاريخية بالجزائر. وترأسها بعض الوقت. وبعد انتقاله إلى فرنسا ظل يزور الجزائر كل شتاء ليشارك في اجتماعات الجمعية التاريخية. أما الوظائف الإدارية الأخرى فقد كان بواسوني هو النائب الأول لرئيس المجلس العام (المجلس الولائي) لولاية الجزائر عند إنشاء هذا المجلس سنة ١٨٥٨. وكان الأعضاء عندئذ تعينهم الحكومة وليسوا منتخبين. وكان بواسوني يسكن في فيلا أنيقة بضاحية الأبيار تسمى (لاطوس). وقد أدركه الموت على ٩١ سنة في ٢٢ فبراير، ١٩٠٢. فبواسوني كان من أوائل (المستشرقين) العسكريين (١).
(١) لويس رين، المجلة الافريقية، ١٩٠٢، ص ١٣٣ - ١٣٦. وكان رين معاصرا له وضابطا مثله، وقد توفي بعده بقليل، انظر أيضا كتابنا (القاضي الأديب)، ط. ٢، ١٩٨٥.