للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوثائق الأهلية وتوظيفها لصالح الإدارة. وكان يستعمل الرواية الشفوية كثيرا، ويلجأ إلى أعيان وشيوخ العلم والحكم للأخذ عنهم أنساب الأعراش والقبائل وأسماء العائلات وسير الأبطال والغزوات، بما في ذلك الأساطير والخرافات. ومن منشوراته وصف مدن الشرق الجزائري مثل بجاية وجيجل وتبسة وعنابة. وذلك في شكل مونوغرافات (مؤلفات خاصة). ومنها مؤلفه عن قصر الحاج أحمد الذي تحدث عنه حديث الحاقد الموتور وليس حديث الباحث المحايد.

وربط فيرو علاقات مع أعيان الجزائر وعلمائها وشيوخها. ونحن نجد ذلك في الوثائق التي كانت بحوزته (١)، وفي الاشارات إلى اسمه في المراسلات. وفي رسالة من محمد الصالح العنتري إلى فيرو تذكيره (بالصداقة) القديمة وطلب التدخل لا يجاد وظيف لابنه (العنتري) (٢). وفي رسالة أخرى كتبها أحد البجائيين أنه كتب عملا في تاريخ بجاية وقدمه إلى فيرو أيام كان مع الجنرال بوثوت (؟) في قسنطينة، وهكذا. ونحن نفهم أن فيرو كان يستغل طمع العلماء والشيوخ في الوظيفة وسوء أحوالهم المادية فيطلب منهم الكتابة عن العائلات والمدن والأنساب، ثم يترجم ذلك وينسبه لنفسه. ذلك أن البجائي مثل العنتري كان يطلب أيضا. تعيينه في وظيف قضائي نظرا لخدماته السابقة (٣).

فأنت ترى أن فيرو وظف علمه وفكره وعلاقاته لخدمة الإدارة الاستعمارية، وقدم خدمات جليلة للاستشراق الفرنسي، رغم أنه لم يكن هو من المستشرقين من حيث التكوين. فميدان عمله كان الترجمة والدبلوماسية (٤).


(١) نشر أوغست كور جدولا مفصلا عن وثائق فيرو فبلغت أعدادا هائلة، ومعظمها ذات قيمة كبيرة. انظر كور (المجلة الافريقية)، ١٩١٤.
(٢) أرشيف ايكس ١٦ Mi ٣١. وقد نشرنا الرسالة في كتابنا أبحاث وآراء، ج ٣.
(٣) بلقاسم بن سديرة (كتاب الرسائل)، ص ١٢٥.
(٤) كان له ابن خدم أيضا في الجيش وأصبح عقيدا، وكان من قواد مركز تاوريرت. انظر=

<<  <  ج: ص:  >  >>