وقد طبع بعض الرؤساء والكتاب المجلة بطابع اهتمامهم فجعلها دي قرامون ميدانا لدراسة تاريخ الجزائر لاهتمامه هو بهذا الموضوع، وكان الكاتب العام فانيان، أستاذا لكرسي الأدب العربي في مدرسة الآداب فجعل المجلة تهتم بالترجمة عن الأدب العربي والتاريخ العربي. وساهم ويل وغزال في قسم الدراسات الأثرية. وفي عهد بيزان تولى الكتابة في الجمعية كل من ادمون دوتيه وجورج ايفير على التوالي، ومع ذلك فإن الدراسات العربية والتاريخية في المجلة الافريقية لم تضعف، ولكنها تركت مكانا بارزا للآثار أيضا. وكان دوتيه من المتأثرين بالنظرية الدورخايمية في علم الاجتماع، وهو من الكتاب الذين اهتموا بالعادات والدين والمرأة في الجزائر. أما جورج ايفير فقد كان أستاذا متخصصا في التاريخ الاستعماري للجزائر. وكانت المجلة قبل دوتيه تنشر كتبا كاملة في شكل فصول، وبحوثا مطولة بصفة مجزأة، ولكن دوتيه قرر مع زملائه أن تتخصص المجلة في الدراسات والمقالات، أما البحوث المطولة في شكل كتب فتنشر دفعة واحدة منفصلة تحت عنوان بحوث (مذكرات) الجمعية التاريخية. كما أصبحت المجلة تهتم بالنشاط العلمي (من أقدم العصور إلى يومنا هذا) أي لا تتوقف عند نهاية العهد التركي (١).
وقد توالت الجمعيات العلمية ومجلاتها فتأسست في عنابة سنة ١٨٦٣ جمعية للبحث العلمي، أخذت فيما بعد إسم اكاديمية هيبون. وكان أول رئيس لها هو المحامي اوليفييه. ثم تولاها سنة ١٨٧١ الضابط قنطيس ثم العقيد بابيه ثم مالتيرن. وقد أصدرت مجلة باسم نشرة أكاديمية هيبون. وكانت مهتمة بالشرق الجزائري على العموم. ويظهر عليها أيضا الطابع الأثري والديني. ومن كتابها ليكليرك الذي كتب فيها عن أحمد التيفاشي، وبلوشي الذي تناول علم الخرائط عند المسلمين، وبابيه الذي نشر عن مساجد عنابة.
(١) جان بفيا J. Bevia المجلة الافريقية، مقدمة المجلد الخاص بالفهارس لسنوات ١٩٢١ - ١٨٨٢، الجزائر، ١٩٢٤.