عندما كانت فرنسا تبث عيونها وخبراءها فيه للتعرف على دواخله والتمهيد لاحتلاله. بدأ رحلته إلى المغرب الأقصى في يونيو ١٨٨٣ متنكرا في زي يهودي من يهود المغرب حتى لا يتعرف المغاربة على هويته. وقد عين له زميله الجغرافي مكارثي، يهوديا من يهود الجزائر، إسمه مردوشين، ليرافقه ويغطيه. وانطلقا معا من وهران، وسجل دي فوكو ملاحظاته الفلكية ويومياته، وكان يتجول في الأسواق على رجليه أو على حمار. وبعد ذلك أصدر كتابه (معرفة المغرب).
وبعد رجوعه إلى الجزائر تجول في الصحراء من جديد، فزار الأغواط وغرداية وواحات ميزاب الأخرى والقليعة (المنيعة) وورقلة وتقرت. وقد تخلى عن الجيش نهائيا. ثم أرسلوه في مهمة إلى سوريا. ودخل في جمعية الطرابست في أرمينية، وعزم على زيارة بيت المقدس سنة ١٨٨٨. وفي ١٨٩٠ دخل في جمعية أخرى لآسيا الصغرى. وطاف بالاسكندرون عندما كانت تابعة لسوريا. ومعنى هذا أنه كان داخلا في النشاط الديني - الماسوني في المشرق والمغرب، وأنه كان يفعل ذلك أثناء حياة الكاردينال لافيجري. ولعل الثقة كانت وثيقة بين الطرفين. وفي ١٨٩٧ وجدناه في رومة، ثم غادرها إلى سوريا من جديد. وزار الناصرة أيضا تحت غطاء الجمعيات الدينية. ثم عاد إلى الجزائر ونسق نشاطه مع رجال لافيجري - الآباء البيض - وأخذ في تعلم اللهجة التارقية وأصدر معجما عنها. وكان يتجول في الصحراء مستكشفا وليس كرجل دين. وكما كان دي فوكو معروفا للسفارات والقنصليات الفرنسية في المشرق والمغرب الأقصى كان أيضا معروفا للمكاتب العربية والمراكز العسكرية الفرنسية في الصحراء الجزائرية. وكان يجلب إليه الأهالي عن طريق المداواة والصدقات ومعرفة لغتهم. وكان دي فوكو صديقا لكل من المارشال ليوتي والجنرال لابرين.
كان هذا الجنرال (لابرين) قد وصل إلى تمبكتو. وكان يدرك مدى معرفة دي فوكو لعادات الصحراويين ولهجة الطوارق وقدرته على كسب النفوذ لفرنسا والتجسس لحسابها. لذلك طلب الجنرال من (الأب) دي فوكو