للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شك أنه يعني بعض أصحاب العرائض الذين رفضوا التعسف نحو القضاء الإسلامي واللغة العربية وسياسة التجهيل التي كانت تتبعها حكومة الجمهورية الثالثة، ونحو الحالة المدنية التي أنشأها تيرمان نفسه، وقانون الأهالي البغيض. إن سادة الجمهورية الثالثة قد حسبوا أن الطريق قد أصبح ممهدا أمامهم ليفعلوا بالجزائريين ما يشاؤون فإذا بأمثال حميدة بن باديس وبوشناق، ومحمد بن رحال والطبيب ابن العربي وأضرابهم يكتبون المقالات المضادة للإجراءات المذكورة ويدبجون العرائض الموقعة من مختلف الفئات دفاعا عن المحرومين من (العرب ساكي الخيام) كما يقول تيرمان، وكذلك ساكني المدن.

إن جيل الثمانينات والتسعينات لم يتجاوز في دعوته إلى التقدمية الخطوط الحمراء. كان جيلي ما يزال مرتبطا بالماضي وبالأرض ومعتزا بلغته ودينه، رغم ابتعاده عنهما بالتدرج. تقول عريضة ترجع إلى سنة ١٨٩١، وهي ترد على من يقول إن الجزائريين هم الذين لا يرسلون أولادهم إلى المدارس وأنهم متعصبون: أننا لا نستحي من القول بأن الدافع للبعض منا عدم إرسال أولادهم إلى المدارس الفرنسية هو تأكدهم من عدم تدريس اللغة العربية بها وخوفهم على إفساد عقولهم وأخلاقهم فيها، ونسيانهم لماضيهم وأصولهم ودينهم. ولا يرجع ذلك، كما تقول العريضة إلى التعصب الديني لأن (شعائرنا هي الكبرى والرائعة لكل جنس يروم تغطيتها). وقالوا إنهم على استعداد لإرسال أولادهم إلى المدارس إذا تحققوا أنها تدرس لهم بالعربية (١).

وقد ظلت الخطوط الحمراء قائمة أمام المتعلمين خلال التسعينات أيضا. كانوا في الغالب مزدوجي التعليم ولكن ثقافتهم العربية الإسلامية تجذبهم إلى اتخاذ مواقف ضد الاندماج. كانوا ما يزالون محافظين على


(١) العريضة المسماة (مقالة غريق) ط. قسنطينة. انظرها في قنان أيضا (نصوص سياسية) صو، ٢٣٠ - ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>