للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوراقة، كما كان يسمع الحديث في الجامع الكبير هناك. وروى ابن حمادوش عن نفسه أنه كان يشتغل بالكتب بيعا وتجليدا ونسخا في مدينة الجزائر وأنه كان يملك دكانا لهذا الغرض قبالة الجامع الكبير. وكان في الجزائر سوق يدعى سوق الوراقين، ولعله هو سوق القيصرية الذي ذكر حمدان خوجة في (المرآة) أنه كان مخصصا لبيع الكتب وأن النساخين كانوا فيه بكثرة.

ومن أشهر المسؤولين الذين شجعوا على حركة النسخ والاستنساخ الباي محمد الكبير. فقد شجع الطلبة وكتابه الخصوصيين على اختصار الكتب المطولة ونسخ بعض الكتب الأخرى له. وكان يجيز كل واحد منهم بسخاء حسب عمله وجهده. فقد أمر بعضهم بجمع فتاوي العلماء في جوائز الملوك في كرامة (١)، وجمع له بعضهم كلام شارح السلوانية في الباز (٢)، وكلام صاحب التذكرة في أقل من كراسة. وقام مؤلف (الثغر الجماني) باختصار كتاب الأغاني في نحو ثمانين كراسة، وباختصار طب القاموس وزاد عليه من كلام الأطباء، وأمر الباي بعض كتابه أيضا، وهو محمد المصطفى بن زرفة، بتقييد حوادث الجهاد التي كانت تجري بين الجزائريين والأسبان (٣).

وكان الشراء من أهم طرق الحصول على الكتب. ولم يكن ذلك مقصورا على الأغنياء والأمراء ونحوهم بل كان يشمل حتى فقراء العلماء الذين كانوا يؤثرون الكتاب على ملء المعدة واللباس الفاخر والفراش الوثير. وقد كان الشيخ ابن إسماعيل قد اقتنى معظم كتبه، كما لاحظ العياشي، من إسطانبول. وكذلك كان الحاج الجزائري الذي تحدث عنه الجبرتي. فقد بذل النقود، سواء في الحجاز أو مصر لشراء الكتب الثمينة. وإذا كان الشيخ ابن


(١) هو كتاب (الاكتفاء) لابن زرقة الذي سنتحدث عنه.
(٢) القصيدة السلوانية (روضة السلوان) لإبراهيم الفجيجي وشارحها هو أبو القاسم الفجيجي. انظر فصلي النثر والشعر من الجزء الثاني.
(٣) ابن سحنون (الثغر الجماني)، مخطوط باريس.

<<  <  ج: ص:  >  >>