للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثائر ابن الأحرش (وهو من المغرب الأقصى)، قد حمل معه خزانة كتب الشيخ محمد الزجاي، التي كانت بتلمسان، إلى معسكره في الجبل أيام ثورته ضد العثمانيين (١).

وكان التأليف من الطرق الهامة لنمو المكتبات. وقد كانت حركة التأليف في العهد المدروس، رغم ما قيل فيه وعنه، حية ونشيطة. ولا نكاد نجد عالما إلا وله قائمة قصيرة أو طويلة من المؤلفات في مختلف العلوم المتداولة. وقد تمثل ذلك في الشروح والحواشي والتقاييد والتعاليق والرسائل والفهارس وفي التآليف ذات الأجزاء أيضا. ومن أشهر المؤلفين في هذه الفترة عبد الرحمن الأخضري وأحمد المقري وعبد الكريم الفكون وابن مريم وأحمد البوني وأبو راس وابن حمادوش وقدورة. وكان بعضهم قد ألف كتبه وهو في الجزائر وبعضهم ألفها وهو خارجها لمناسبة جو التأليف في المهجر أو لأسباب أخرى سنعرض لها عند حديثنا عن هجرة العلماء. فقد ألف المقري موسوعته عن تاريخ الأندلس (نفح الطيب) في مصر كما ألف (أزهار الرياض) في المغرب الأقصى. وألف يحيى الشاوي وعيسى الثعالبي وابن حمادوش معظم أعمالهم في الخارج أيضا. كما ألف ابن العنابي كتابه (السعي المحمود) في مصر. ومن جهة أخرى نذكر أن صالح باي، قد أوقف في قسنطينة عددا من الكتب على (المدرسة الكتانية) التي بناها، ولكنه لم يعرف عنه أنه كان يشجع حركة التأليف والنسخ، كما فعل زميله ومعاصره محمد الكبير، بل كان يشتري الكتب الموقوفة من أصحابها وما يزال بعضها يحمل ختمه إلى اليوم (٢).

وكان الحج والرحلة في طلب العلم وراء انتشار حركة التأليف والنسخ واقتناء الكتب. وكان حجاج المغرب الأقصى يتركون آثارهم في الجزائر


(١) (إتمام الوطر) مخطوط باريس.
(٢) رأيت في مكتبة زاوية طولقة عددا من الكتب التي تحمل عبارات التحبيس وختم الباي المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>