للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بيرم، سنة ١٢٤٥. وقد ذكر أحمد البوني شيوخه من التونسيين في إجازته التي سنعرض إليها. وأخبر أبو راس عن العلماء الذين لقيهم بتونس أثناء حجتيه، وكذلك فعل الورتلاني. كما ورد على الجزائر عدد من علماء تونس ومعهم مكتباتهم وتآليفهم ورسائلهم، ومن هؤلاء إبراهيم الغرياني وتاج العارفين وأحمد برناز ومحمد الشافعي وحمودة بن عبد العزيز وإبراهيم الرياحي. وقد أوحت مصر والحجاز وسورية والعراق وإسطانبول إلى عيسى الثعالبي وأحمد المقري ويحيى الشاوي بالتأليف. ولولا الرحلة في طلب العلم والحج لما نشطت همم هؤلاء العلماء للتأليف وتغذية المكتبات بإنتاجهم.

٣ - ويمكن تقسيم المكتبات في الجزائر إلى عامة وخاصة. وما دمنا قد أشرنا إلى أن الولاة لم يشجعوا على التأليف ولا على جمع الكتب لأنفسهم، فإن ما يسمى أحيانا بالمكتبات السلطانية أو الأميرية لا وجود له تقريبا في الجزائر العثمانية. فالمقصود إذن بالمكتبات العامة هنا هو تلك المكتبات الملحقة بالمساجد والزوايا والمدارس، والتي كانت مفتوحة للطلبة خصوصا ثم لجميع القراء المسلمين. ولا نتوقع في ذلك العهد وجود مكتبة عمومية أو شعبية أو وطنية بالمعنى الذي نستعمله اليوم. لذلك فإن قول أحد الكتاب بأنه كان في تلمسان مكتبة عامة خلال القرن الحادي عشر (١٧ م) قول محير. ولعله كان يقصد بذلك إحدى المكتبات الملحقة بالمؤسسات المذكورة. فقد كانت الجوامع، وخصوصا جوامع الخطبة، تحتوي على خزائن الكتب الموقوفة على الطلبة والعلماء.

وكانت الكتب بهذه الخزائن تقل أو تكثر تبعا لأهمية الوقف الذي تتغذى منه وتبعا لأهمية الجامع وأمانة الوكيل وضخامة عدد السكان في المدينة المعنية. ومن أشهر هذا النوع من المكتبات مكتبة الجامع الكبير بالعاصمة التي سنتحدث عنها بعد قليل، ومكتبة المدرسة الكتانية التي أسسها صالح باي بقسنطينة، ومكتبة المدرسة المحمدية التي أسسها الباي محمد الكبير في معسكر. ولا نعرف الآن أن إحدى الزوايا قد اشتهرت بمكتبتها شهرة مكتبة الجامع الكبير مثلا. غير أننا لا نشك في وجود ذلك. فقد سبقت

<<  <  ج: ص:  >  >>