للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوحيد ونحو ذلك. ولكن العلوم اللغوية والعقلية الأخرى كان لها أيضا حظ في هذه المكتبات. فقد اشتهرت مدارس النحو بزواوة وخنقة سيدي ناجي. ومع النحو يأتي الأدب واللغة والصرف والبلاغة والعروض. أما التاريخ والجغرافية والفلسفة والمنطق فقد كانت في درجة أقل من الذيوع. ولا شك أن كتب الحساب والفلك والطب وأمثالها كانت أقل من القليل، غير أن تآليف ابن حمادوش العلمية وقصة الحاج الجزائري التي أوردها الجبرتي ثم تقارير العلماء الفرنسيين إثر الاحتلال عن مكتبات الجزائر - كل ذلك يدل على أن هذه المكتبات كانت غنية بجميع أنواع المعارف المذكورة، رغم وفرة الكتب الدينية فيها (١).

وكان وقف الكتب يتم بنفس الطريقة التي تتم بها الأوقاف الأخرى. فالواقف عادة ينص على أن الكتاب موقف في سبيل الله على طلبة الجامع أو الزاوية أو المدرسة التي يوجد فيها. كما ينص على منع إخراج الكتب من المؤسسة الموجود فيه (٢). وكان الواقف أيضا يضع، بعد عبارات الوقف الشرعية، ختمه الذي يحمل تاريخ الوقف وخطه الشخصي. وقد وجد الباحثون في مكتبات قسنطينة عددا من الكتب عليها عبارات توقيف وختم صالح باي والقاضي الحنفي محمد العربي بن عيسى. وغالبا ما كان الوكيل يضع ختمه إلى جانب ختم الوقف. وقد عرفنا أيضا أن الباي محمد الكبير قد أوقف مكتبة على جامعه الأعظم .. ولكن وقف الكتب، بالقياس إلى الأوقاف الدينية والاجتماعية الأخرى، كان ضئيلا وكان يقوم في الغالب على وقف الكتاب المفرد، ويشترك في وقف الكتاب بعض العامة الذين يجهلون حتى محتواه، ولكنهم كانوا يشترونه ويوقفونه تقربا إلى الله، فالكتاب في نظرهم كان مجرد صدقة. وعلى هذا النحو كان كثير من الكتب الموقوفة لا يخرج عن الحديث والفقه والمصاحف وكتب الدعاء والصلوات. وقد وجدنا


(١) سنذكر بعد قليل نماذج من محتوى بعض المكتبات.
(٢) نص في وقفية جامع الباي محمد الكبير على عدم إخراج الكتب من المسجد. انظر ليكليرك (المجلة الإفريقية)، ١٨٥٩، ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>