لهم وبارك عملهم، وعقدوا من أجل ذلك اجتماعا عاما في ٢٢ مايو ١٨٣٣ في العاصمة، حضره أكثر من ٤٦ عضوا منهم عشرون عسكريا والباقون ينتمون إلى التجارة والمهن الحرة والوظائف. وكان نائب الرئيس هو الطبيب جيراردان. وليس من بين أعضائه جزائريون، بمن فيهم اليهود. وسرعان ما توسع نشاط محفل بيليزير، فبعد سنة واحدة وصل عدد أعضائه إلى ٧٣ عضوا وكان فيهم من هو خارج العاصمة وضواحيها كوهران. ولكن شيفرو مات سنة ١٨٣٤ فانتخبوا خليفته المسمى جاك ديسكو (أو ديكو) الذي دام في رئاسة المحفل إلى ١٨٧٠ حين مات (١).
قام هذا المحفل بنشاط في صالح الاستعمار، رغم المبادئ والتعاليم المذكورة في بنود قانونه. فقد عمل على جزأرة نفسه باعتباره محفلا يعيش على الأرض الجزائرية، وكان وضعه يذكرنا بفرع الحزب الشيوعي الفرنسي في الجزائر خلال العشرينات والثلاثينات من حيث التبعية لغيره. وقد اعتبر المحفل الجنود الفرنسيين الذين سقطوا أمام أسوار قسنطينة في الحملتين (١٨٣٦، ١٨٣٧) جنودا سقطوا من أجل الشرف ومن أجل سعادة فرنسا. واستمع الأعضاء إلى دعوة زميلهم (أخيهم، حسب مصطلحاتهم) للاعتراف بجميل أولئك الجنود (الشجعان). وعند تأسيس المستعمرات الفلاحية أبدى المحفل ارتياحه وتأييده معتبرا ذلك عملا خيريا من حكومة الجمهورية الثانية (كان ذلك سنة ١٨٤٨ - ١٨٤٩) لصالح الجزائر (الفرنسية). وفي نظر الماسونيين ليس هناك تناقض بين الدفاع عن الاستعمار والدفاع عن الأهالي. فقد كانوا ينظرون إلى الجزائريين، كما أشرنا، على أنهم (برابرة) لم يذوقوا في حياتهم طعم الحرية ولم يمارسوا الانفتاح على الفلسفة، بل كانوا يعيشون في حالة جهل وعبودية. وقد أخبرهم شيفرو قبل وفاته أن الأرض الجزائرية بقيت في نظره خلال مدة طويلة في ظلام كثيف، (وهو رأي رجال الكنيسة أيضا) ولكنها تحتوي على عناصر ثمينة قابلة للتلقيح، وقد (جئتم أنتم