للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللاحقين تبينوا ريادة آراء عربان وتبين لهم صوابها ولكن بعد فوات الوقت، مثل ماسكري والمارشال ليوتي، والبان روزي، ولوروا بوليو. وفيكتور باروكان. وهناك آخرون ظلوا بالطبع مضادين لآرائه إلى آخر رمق (١).

ومنذ ١٨٤٨ كتب فريدريك أنجلز عن الجزائر وهزيمة الأمير عبد القادر وعن سجنه في فرنسا. وكان إنجلز يراسل جريدة (النجم الشمالي - N. Star) الإنكليزية من باريس (٢). وقد حبذ القضاء على مقاومة الأمير لأن ذلك سيفسح المجال في نظره لتمدين الشعب الجزائري (البرباري). وكان ذلك في عام صدور البيان الشيوعي المشهور، وثورة ١٨٤٨ الفرنسية والأوروبية، التي قامت بها التيارات اليسارية، كالاشتراكية والرومانتيكية والليبرالية في المجتمع الغربي.

وبعد حوالي عشر سنوات تبين إنجلز أن الفرنسيين لم يأتوا إلى الجزائر للتمدين وإنما للتخريب والتسلط. ووصف الفرنسيين بالغزاة الذين قاموا بحرب بربارية. وكتب مقالة بعد ثورة زواوة سنة ١٨٥٧ وما تلاها من حرق المداشر (القرى) وتشريد السكان، في عهد المارشال راندون. وقد حكم أنجلز على الاستعمار الفرنسي بالفشل الذريع، رغم الإعلانات المتفائلة بنجاحه، ورغم ما تقوله الصحافة الفرنسية في الموضوع. وكان الرأي العام الفرنسي عندئذ مأخوذا بحادثة الضابط (دوانو) رئيس المكتب العربي في تلمسان والفضيحة التي انجرت عن محاكمته والفساد المستشري في الإدارة الفرنسية في الجزائر. وقد رأى بعض الكتاب الفرنسيين المتأخرين. أن موقف إنجلز كان معادي لهم، ولكنهم يذكرونه للأمانة والموضوعية (٣).


(١) اعتمدنا في هذه الفقرة على دراسة آجرون (الجزائر الجزائرية ...) مرجع سابق، ص ١٨ - ٣٦. وبيلي، مرجع سابق، ص ١٢٠. والسجل (طابلو) سنة ١٨٤٣ - ١٨٤٤. وقد احتوى المرجع الأخير بحث عربان عن إقليم التيطري.
(٢) انظر ترجمتنا لمقالته عن الأمير في كتابنا أبحاث وآراء، ج ١.
(٣) بوسكي، ج. د. (ماركس وإنجلز) في مجلة الدراسات الإسلامية Studia Islamica، ٣٠، ١٩٦٩. ص ١٢٩. وقد نشر أنجلز مقالته في الأنسكلوبيدية الأمريكية الجديدة =

<<  <  ج: ص:  >  >>