للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعالج ماركس صحته في الجزائر حيث بقي عند الدكتور ستيفان إلى الثاني من شهر مايو ١٨٨٢. ولكن الطقس كان رديئا معظم الرحلة. وعندما رجع إلى مرسيليا وجد الأمطار أيضا تتهاطل وكذلك كان الحال في نيس. ونعرف من أخباره أنه كان يكره اللغات السامية. ولذلك لم يتعلم العربية عندما عزم على تعلم اللغات الشرقية وأخذ بدلها اللغة الفارسية، ولكن حروفها العربية عقدته فاكتفى بلعنها (١). ولا ندري كيف يؤمن كارل ماركس بالعنصرية في اللغات ويعمل على أن يكون فكره غير عنصري على المستوى العالمي، وهو الذي قيل عنه إنه من أصل يهودي - سامي!

ومهما كان الأمر فإن الذين درسوا رحلة ماركس إلى الجزائر أخبرونا أنه اكتفى بالحديث عن المناظر الطبيعية الجميلة، ولم يتعرض إلى حياة الجزائريين، وعلاقتهم بالأوروبيين ومستوى ما وصلت إليه (الرسالة التمدينية) الفرنسية هناك. ويبدو أنه رجع من الجزائر كما جاءها جاهلا عنها كل شيء عدا المناظر الخلابة وما حدثه به القاضي فيرمي عن قانون الأهالي ووحشية الأحكام القضائية وتعذيب الجزائريين على أيدي الشرطة وشهوة الانتقام عند الكولون (٢).

وفي هذه الأثناء كان صوت الاشتراكيين الفرنسيين يمثله جان جوريس.


(١) بوسكي، (ماركس وأنجلز)، مرجع سابق، ص ١٢٨ - ١٣٠. وقد اطلعنا على مقالة أنجلز في (الموسوعة الأمريكية الجديدة) فإذا بها شديدة اللهجة ضد وحشية الاستعمار الفرنسي في معاملة السكان، وقد حكم أنجلز بفشل سياسة الاستعمار العسكري والمدني، وسخر من وسائل الحضارة الفرنسية. انظر صفحات ٣٥١ - ٣٤٣.
(٢) لا شك أن ماركس كان قد اطلع على ما كتبه أنجلز سنة ١٨٥٧ في الموسوعة الأمريكية الجديدة، حول القضاء والاستعمار وفشل المهمة الحضارية الفرنسية، ووحشية الغزوات التي كان يشنها الجيش الفرنسي - مائة ألف جندي عندئذ - وقد سمى ماركس الجزائر (المدرسة الحربية للجنرالات الفرنسيين) حيث يتدربون ويتربون على هذه الأعمال الشنيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>