للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهران (١). وكنا ذكرنا أن حركة الكتاب قد ازدهرت في معسكر أيام محمد الكبير. أما في تلمسان فقد كانت مركز كتب منذ عهد الزيانيين، وخلال القرن الحادي عشر تحدث بعضهم عن وجود مكتبة عمومية بها، كما سبق، تقع في وسط المدينة، وكانت قد جمعت من مختلف نواحي البلاد بأمر من أحد الأمراء، ووضعت ليستفيد منها الطلبة والعلماء (٢).

ونحب أن نختم هذا الحديث عن المكتبات بالإشارة إلى أهمية بعض المكتبات الريفية المتفرقة في أنحاء البلاد. ولا بد لنا من التنويه بمكتبات ميزاب التي كانت بني يزقن بالخصوص شهيرة بها والتي حافظ عليها أصحابها كعائلتي الثميني وأطفيش، بكل غيرة وعناية. وقد كانت توات، ولا سيما الزاوية البكرية وقصر ملوكة، مركزا هاما لحركة الكتاب في الجزائر الغربية والجنوبية. وكذلك كان الحال بالنسبة إلى مكتبات زواوة وبجاية وورقلة والخنقة الخ. وقد سبق حديث العياشي على بعضها. ومن يقرأ الدرعي والورتلاني والجامعي يدرك

أهمية هذا الموضوع وهو وفرة الكتب في الجزائر حتى في المناطق النائية، كما يدرك أن الشعب الذي حافظ على كل ذلك القدر من المكتبات كان شعبا على درجة كبيرة من التحضر خلافا لما زعمه الفرنسيون بعد احتلالهم للجزائر.

غير أن المكتبات ليست إلا وسيلة لنشر التعليم وشحذ أذهان العلماء والمدرسين. فكيف كانت حركة التعليم خلال العهد العثماني؟ وما كان نشاط العلماء، وخصوصا في ميدان التدريس؟ هذا ما سنحاول أن نتحدث عنه في الفصل التالي.


(١) انظر (المجلة الإفريقية)، ١٩٢٧، ١٠٧، نقلا عن (لومونيتور يونيقرسال)، تاريخ ١١ مارس ١٨٣٦ ..
(٢) هذه المعلومات عن مكتبة تلمسان العمومية وردت في كتاب عنوانه (مذكرات أسير) المطبوع سنة ١٦٥٩، وصاحب الخبر هو الضابط سيدن Siden الذي أقام في الجزائر حوالي خمسة عشر عاما وكتب تأليفه بالألمانية, ويوجد في المذكرات المذكورة تأليف توماس سكينر Skinner الانكليزي. وقد ساعدني في ترجمة هذه المعلومات زميلي الدكتور أبو العيد دودو مشكورا خلال يناير، ١٩٧٦، بالجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>