يقع الجزآن اللذان اطلعنا عليهما في حوالي ألف صفحة (٤٩٨ و ٥١١). واستغرق الأول سورة البقرة، وابتدأ الثاني من سورة آل عمران. وبداية الأول تفسير البسملة والتبرك بها في كل مباح وما هو للعبادة. وقال إن البسملة لا تكتب في أول دواوين الشعر إلا إذا كان موعظة أو علما، أو فيما هو غير ممنوع شرعا، ثم فسر سورة الفاتحة. وهكذا، وقد اهتم فيه بتفسير اللغة والمعاني والنحو، واستشهد بالحديث وبالشعر أحيانا .. ولكن باختصار، ولم يذكر مصادره، وإنما هي تبدو غزيرة من الإحالات عليها، وأول الجزء الثاني هو تفسير سورة آل عمران، وآخره هو قوله تعالى من سورة النساء:{فللذكر مثل حظ الأنثيين، يبن الله لكم أن تضلوا، والله بكل شيء عليم} ويبدو أن المطبوع لا يساير المخطوط، لأن نسخة مكتبة بني يزقن تختلف في بدايتها عن ذلك.
سبق أن أول تفسير للشيخ أطفيش هو (هميان الزاد). وقد طبع سنة ١٨٨٨ في زنجبار في أربعة عشر جزءا. وكان الشيخ عندئذ في أوج قوته الفكرية شبابه. ولا ندري مدى رواج هذا التفسير عندئذ. غير أن الطباعة في حد ذاتها قد ساهمت في التعريف به وبصاحبه. وكان نشره عشية ميلاد ابن باديس، وفي وقت كادت تتوقف فيه عجلة التاريخ الثقافي في الجزائر، ويكفي أن تعرف أنه هو وقت لويس تيرمان، الذي كان حاكما للجزائر، وكان من أظلم العهود في مجال التعليم على الخصوص، وكانت ميزاب، حيث الشيخ أطفيش، قد احتلت خلال هذا العهد أيضا. ويفهم من إشارات وجدناها في بطاقات مكتبة القطب أن أجزاء من هميان الزاد تحمل تاريخ شهر رمضان سنة ١٢٧١ وهي بخط المؤلف. وجاء في إحدى المراسلات أن الشيخ أطفيش قد انتهى منه في شهور سنة ١٣٠٦ (١)، وهو بعيد مما ذكرنا من بطاقات المكتبة. ولم نطلع على الطبعة الجديدة من (هميان الزاد) التي يقول الشيخ شريفي إنه اتصل منها بالجزء الخامس وآخره سورة المائدة، وأنه أعيد