صالحا للعصر الحاضر أو أنه هو سبب تخلف المسلمين، وأنه سبب العداء بينهم وبين غيرهم. ولعل عيشة الشيخ أطفيش بعيدا عن المراكز الحضرية والصراعات الفكرية قد جعلت تفسيره كأنه يرجع إلى عصور خالية من حيث روحه وأهدافه. وقد نقول إن إقدامه على التفسير كان بدافع الخدمة الدينية والأدبية أكثر مما هو بدافع الخدمة العقلية والسياسية. فإذا كان هدفه هو ذلك فقد نجح نجاحا كبيرا. على أننا يجب ألا ننسى ما ذكرناه من أن زمن الإقدام على التفسير كان أثناء عهد تيرمان وما بعده، وفي ذلك تحد كبير للمخطط الاستعماري نحو الثقافة العربية - الإسلامية.
وربما أقيم للشيخ أطفيش حفل عند ختمه تفسير القرآن. فنحن لا نجد فيما لدينا من وثائق أن ذلك قد حصل. ولكن العادة قد جرت منذ القديم أن ختم القرآن درسا أو تأليفا يستحق صاحبه التكريم والتعظيم. وقد نال الشيخ حظوة كبيرة بتآليفه العديدة ودروسه ودوره الديني والاجتماعي. أما مناسبة ختم القرآن، إن كانت، فنحن نجهلها الآن.
لقد ظل تفسير الشيخ أطفيش هو الوحيد في الميدان، ولا نعرف أن عالما آخر، مستقلا أو موظفا، قد ألف في التفسير بعده إلى ظهور الشيخ عبد الحميد بن باديس، وقد بدأ ابن باديس دروسه في التفسير منذ سنة ١٩٢٩، وكان يلقيها وينشرها تباعا في مجلته (الشهاب) تحت عنوان (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير وحديث البشير النذير)، وفي ١٩٣٩ ختم الشيخ ابن باديس القرآن الكريم، وأقيم له حفل يليق بمقامه العلمي وبإنجازه الكبير. وكان الاعتقاد عندئذ أن ختم القرآن هو عمل ديني قبل كل شيء. أما الجانب العلمي والأدبي فهو غائب أو ثانوي. وقد شارك المشاركون عندئذ في مدح الشيخ والإشادة بما قدمه للجزائر عموما وما قدمه للإسلام. وكان الشيخ الإبراهيمي هو الذي أشرف على الحفل الذي تبارى فيه الخطباء والشعراء، ولا نعرف أن عالما آخر ختم القرآن واحتفل به بمثل هذا الاحتفال في الجزائر. على أنه جرى مثل هذا الاحتفال بعد عدة عقود في ميزاب عندما