باديس يدخل في نطاق مسألة الأفكار وصراعها مع الحياة المعاصرة في الجزائر.
لم يسر ابن باديس في تفسيره على الطريقة التقليدية، أي كان تفسيرا منتظما شاملا، ولكنه اقتصر فيه على أجزاء متفرقة، فهو تفسير جزئي. ولكنه اتخذ من القرآن وسيلة لتوضيح الأفكار المعاصرة من أجل بناء مجتمع إسلامي في نطاق المدنية الإسلامية المتلائمة مع روح العصر والوفية لروح الإسلام نفسه. وإذا نظرنا إلى حجم تفسير ابن باديس فإننا نجده يمثل أكبر قدر من كتاباته الفكرية. وقد ظهر فيه ابن باديس باحثا ناقدا موازنا وليس صحفيا يكتب بسرعة ليرد على رأي أو ليعالج مسألة آنية. ان ابن باديس قد ظهر فيه معلما رزينا ومستنطبا حكيما، خائضا في مسائل العقائد الإسلامية والأفكار المعاصرة، وهكذا يصبح تفسير ابن باديس مصدرا أساسيا للفكر الإصلاحي في الجزائر ولما سماه بعضهم بمدرسة (الشهاب)، وربما مصدرا أساسيا للفكر الاصلاحي الحديث عموما. ولذلك يحتفظ هذا التفسير بقيمته الخاصة رغم ما قد يوجه إليه من نقد أحيانا.
إن ابن باديس يظل في تفسيره متمسكا بالمذهب المالكي ومتحذرا في معالجة مسائل العقائد، فهو محافظ في نظر بعض المعاصرين ومن جاء بعدهم. ورأى علي مراد أن ابن باديس لم يخرج على التيار الفكري العام، كما خرج بعض العلماء المسلمين مثل مصطفى عبد الرازق المصري الذي عالج مسألة (الإسلام وأصول الحكم) سنة ١٩٢٥. ولا مثل الطاهر الحداد التونسي الذي ألف كتابه المعروف (امرأتنا في الشريعة والمجتمع) سنة ١٩٣٠. وربما كان لابن باديس هدف آخر من التفسير، وهو عند علي مراد، أن يظهر للمواطنين الجزائريين أن العلم الإسلامي غير مقصور على دراسة المنطق والفقه والنحو والأسلوب، وقد يكون أراد أيضا أن يفسر القرآن في الجزائر ليبين أن هذا الموضوع غير مقتصر على المشارقة، وأن بإمكان المغاربة أن يتفوقوا في هذا الباب. ولعله كان بإمكانه أن يفسر القرآن بطريقة الشيخ أطفيش أو البيضاوي أو الثعالبى. ولكنه اختار طريقة الشيخ عبده.