للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنسخ في لحظات، والمجالسة للعلم قد لا تدوم أكثر من ساعات، بل انها تحولت إلى مراسلات وسماعات. فكان ذلك من أسباب ضعف هذه الوسيلة التي كانت من أنبل الوسائل في تبادل المعرفة وتوثيقها. ولا شك أن ذلك راجع في أساسه إلى ضعف مستوى العلم بصفة عامة، واختفاء فحوله الغيورين عليه وعلى سمعتهم، وإلى ضعف الضمائر والركون إلى المجاملات وطلب السمعة (١).

وليست مهمتنا هنا نقد الطريقة ولكن وصفها. ولذلك فإننا سنواصل حديثنا عن الأثبات بذكر نماذج منها.

١ - ثبت العباسي: وهو أحمد بن سعيد العباسي، عالم قسنطينة الذي سبقت إليه الإشارة. وثبته هذا يجمع أسانيده في الكتب الصحاح الستة. وقد جمعه له تلميذه الشيخ عبد الحميد الصائغ الحركاتي. ويرويه الكتاني من عدة طرق (٢). ولكننا نعرف أنه كان للشيخ العباسي ولد اسمه محمد، تولى الوظائف الدينية والتعليمية في العهد الفرنسي، وكان للمستشرق شيربونو، فلماذا لا يكون ثبت العباسي عند ولده؟.

٢ - ثبت التواتي البجائي: وهو البشير التواتي البجائي الذي استوطن تونس. وكان عالما بالقراءات التي أخذها في تونس وفي مراكش، كما يقول الكتاني. غير أن هذا العلم كان شائعا وراسخا في الجزائر أيضا، سيما بلاد زواوة. وللشيخ التواتي ثبت اشتمل على أسانيده في القراءات. ولم نطلع عليه لنعرف إن كان منهم بعض الشيوخ الجزائريين. وقد توفي الشيخ التواتي سنة ١٣١١ وفي هذا العهد كان من أبرز شيوخ القراءات، كما عرفنا، هو الشيخ علي بن الحفاف، وأبو القاسم البوجليلي. ولعل اسم (التواتي) يرجع إلى العالم الصالح محمد التواتي دفين بجاية الشهير وصاحب الزاوية بها والذي كان يعيش في أول القرن ١٦ ميلادي. ومهما كان الأمر فان الكتاني يروى ثبت


(١) للتوسع في هذا الموضوع انظر الجزء الثاني، فقرة (الأثبات).
(٢) الكتاني (فهرس الفهارس)، ٢/ ٨٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>