بالصوفية هنا ما كان موضوعه في التصوف كالأذكار والمصافحة وبعض العبارات المنسوبة. ومعنى ذلك أن الذي يكتب هذا النوع من الإجازات قد لا يكون هو نفسه مرابطا أو شيخ طريقة، بل قد يكون من العلماء الموظفين في القضاء والسلك الديني والعاملين في التدريس والتأليف. كما حدث مثلا بين المفتي بن الحفاف والقاضي شعيب، وهكذا.
١ - إجازة الشيخ الحداد: للبوجليلي. فقد أجاز محمد الحداد شيخ زاوية صدوق الرحمانية تلميذه ومقدمه محمد بن أبي القاسم البوجليلي العباسي، وجمعت الإجازة علم الفقه وبركة الطريقة (كل ما فتح الله به عليه على أيدينا، من فقه وطريقة رحمانية، بل وجميع ما يؤذن فيه شرعا في حياتي، واستخلفته في ذلك بعد مماتي. فمن أخذ عنه في ذلك كان كمن أخذ عني، ومن خالفه فقد خالفني). وكان الشيخ الحداد قد وقع الإجازة هكذا:(ورقمه ببنانه الفانية الفقير إلى المالك الجواد، محمد امزيان ابن الحداد، رحم الله ضعفه). وقد أرسلت الإجازة إلى البوجليلي من سجن قسنطينة حيث كان الشيخ الحداد يقضي آخر أيامه، مع الشيخ الطاهر اليتورغي (١).
٢ - إجازة محمد بن علي بن مالك إلى البوجليلي أيضا: وكان ابن مالك من أساتذة زاوية عبد الرحمن اليلولي حيث درس البوجليلي. والإجازة شملت علم القراءات والتصوف. وهي قصيرة، ولا يذكر فيها ابن مالك عمن أخذ ذلك وإلا هي شهادة على ما أخذه منه البوجليلي أثناء الدراسة: (أما بعد، فأنا أعلم الواقف على كتابنا هذا من الأمة العاملين بالسنة والكتاب، بأني قد أجزت تلميذنا ... في جميع ما أخذه عني من القراءات نحوا، وتجويدا، فهما وأداء، وما أخذه عني عهدا ووردا صحيحا، لوقوع حقيقته
(١) من مقالة لعلي أمقران السحنوني عن البوجليلي. وقد وجد علي أمقران نص الإجازة في مكتبة ابن أبي داود. وكان لويس رين قد رأى أنه من الحكمة أن يعين الشيخ الحداد خليفة عنه ابن الحملاوي وليس البوجليلي. فإذا صحت هذه الإجازة فانها تجعل البوجليلي هو الخليفة من بعده.