للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشاركهم في ذلك بعض المستشرقين الذين كانوا يعملون مباشرة مع الإدارة، وكذلك أساتذة التعليم القانوني المتخصصين في الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى بعض القضاة الفرنسيين. كل هؤلاء انتجوا أعمالا تخدم الفقه من جهة وتخدم الإدارة بالطبع لأن المحاكم والمدارس والجهات المدنية والعسكرية تحتاج إلى معرفة مصادر التشريع الإسلامي وأصول الفقه وفروعه. وهكذا أخرجت المطابع منذ منتصف القرن الماضي عددا من المؤلفات أو المنشورات التي تلخص أو تعرف بكتب الفقه.

ومن أوائل من ترجم مختصر الشيخ خليل في الفقه المالكي الدكتور بيرون، وهو طبيب فرنسي اعتنق المذهب السان سيموني الاشتراكي، وعمل سنوات في مصر في المدارس الطبية (مديرا لها) التي أنشأها محمد علي باشا. وقد كتب بيرون عن الطب النبوي والطب العربي، وعن الأدب الجاهلي وغيره، ثم استدعته بلاده سنة ١٨٥٧ لإدارة المدرسة السلطانية (المعهد الامبريالي) التي أسست عندئذ للدراسة العربية والمزدوجة. وتشهد ترجمته لمختصر خليل على معرفته للعربية وعلى اطلاعه على كتب التراث، ومنه الفقه، والترجمة موجهة، كما هو متوقع، إلى الإدارة الفرنسية، عسكرية ومدنية، وليس إلى الجزائريين. وقد تعين بيرون سنة ١٨٦٤ لتفتيش المدارس الرسمية الثلاث التي كان الفقه من موادها الأساسية (١).

وفي النصف الثاني من القرن الماضي عاش بالجزائر مستشرق فرنسي آخر، وهو هوداس، اهتم كثيرا بالتراث الإسلامي وترجم منه. وقد بدأ حياته بالجزائر معلما في الثانوية الرئيسية منذ ١٨٦٣، أستاذا للغة العربية. وتعاون مع زميله مارتيل الذي كان أستاذا بمدرسة الحقوق، على ترجمة كتاب (تحفة الحكام) لابن عاصم في الفقه. وقيل إن مدة الترجمة قد دامت قرابة عشر سنوات (٢).


(١) عن حياته انظر فصلي التعليم والاستشراق.
(٢) هنري ماصيه (الدراسات العربية في الجزائر) ١٩٣٠. ولد هوداس في لواري، سنة ١٨٤٠ وتوفي سنة ١٩١٦، عن زيارة الوزير كومبس انظر فصل التعليم. وعن حياته انظر فصل الاستشراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>