للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطرقية). ولا يعلم مبلغ ما تحمله هذه القصيدة من الجرأة، ومبلغ ما حدث عنها من انفعال الطرقية، إلا من عرف العصر الذي نشرت فيه وحالته في الجمود، (والتقديس لكل خرافة في الوجود). وقد أوردها الميلي كاملة في كتابه، كما ذكرنا. ومطلعها:

ماتت السنة في هذي البلاد ... قبر العلم وساد الجهل ساد (١)

انتقد الميلي الطرق الصوفية على تفننهم في وضع الإسناد لكي يربطوا طرقهم الصوفية بكبار الزهاد، ولو كان فيها الضلال، ورأى أن الشيخ أحمد بن سالم التجاني قد (اختصر الإسناد وادعى أنه تلقى طريقته من خاتم الأنبياء من غير واسطة لا ويذكر أتباع التجانية أن (يوم النظرة) عندهم هو اليوم الذي (وقف فيه الشيخ التجاني بعد أن جمع أحبابه على ربوة قرب عين ماضي ووضع على رأسه قطعة ذهبية لكي يرى من بعيد، ونادى في الجموع بضمان الجنة لمن رآه سبعة أجيال) (٢). أما الحنصالية فقد أباح لهم شيخهم الملاهي وتمتيع أنفسهم بما تشتهي (٣). وقد أورد أمثلة مما روى أو شاع عن بعض أهل التصوف في وقته، مثل الطيب بن الحملاوي والحسين القشي والعربي بن حافظ.

وهكذا فإن رسالة الشرك تعتبر دراسة لوصف حالة الإصلاح والمصلحين وحالة المرابطة والمرابطين في مرحلة معينة من تاريخ التخلف الفكري في الجزائر وفي العالم الإسلامي. وكان المؤلف يمثل صوت جمعية العلماء الإصلاحية، وكان قد تولى إدارة جريدتها وشارك في تحرير جرائدها الأخرى وفي التعليم بمدارسها، وكذلك شارك في كتابة التاريخ الوطني والدفاع عن هوية الجزائر العربية - الإسلامية ضد المسخ الذي خططت له


(١) نفس المصدر، ص ٢٨٤ - ٢٨٨، انظر أيضا محمد الهادي السنوسي (شعراء الجزائر في العصر الحاضر). ترجمة الشيخ الطيب العقبي.
(٢) رسالة الشرك، ص ٢٦٧، ٢٧٧.
(٣) نفس المصدر، ص ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>