والعسكرية، فأجابه الحاكم العام إلى طلبه وأمر له بترجمة النصوص المطلوبة، كما شمل ذلك بعض التنظيمات التونسية. وهذا العمل هو الذي أشرف محمد بن مصطفى على مراجعته والإضافة إليه، وقد جعله على قسمين: مدني وعسكري. وأحال على (أقوم المسالك) لخير الدين التونسي ومؤلفات رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك (وما أشبهها من الكتب النفيسة).
وهذا يدل على أن محمد بن مصطفى كان ما يزال عندئذ محررا في جريدة المبشر وتابعا لإدارة الشؤون الأهلية التي كان يشرف عليها دومينيك لوسياني. كما يدل على إعجابه بالمؤلفين المذكورين (خير الدين والطهطاوي ومبارك) لصلتهم بالحضارة الغربية واقتناعهم (بالتقدم العصري والتمدن)(١)، الذي امتدح به محمد الجباص. وقد لا يكون محمد بن مصطفى واعيا بما كان الفرنسيون يخططون للمغرب من خطط لاحتلاله، ولكن زميله إسماعيل حامد كان واعيا لذلك كل الوعي.
١٥ - السعي المحمود في نظام الجنود: تأليف محمد بن محمود ابن العنابي. وهذا الكتاب ألفه صاحبه عشية الاحتلال، ولكنه قد عاصر الاحتلال، وحكم عليه الفرنسيون بالنفي في الأسابيع الأولى، فعاش في مصر حوالي عشرين سنة أخرى مفتيا ومؤلفا.
وكان المفروض أن ندرس هذا الكتاب في الجزء الثاني من هذه الموسوعة. ثم بدا لنا أن نفرده بدراسة خاصة تضمن حياة مؤلفه أيضا. وهو ما قمنا به فى كتابنا (رائد التجديد الإسلامى: ابن العنابى). وقد حللنا هناك فصول (السعي المحمود) ومنهج المؤلف فيه. ودوافعه وأهدافه. كما قام محمد بن عبد الكريم بتحقيق نصه. ولذلك لن نطيل
(١) طبعت التنظيمات المذكورة (مجموع مشتمل ...) بالجزائر ١٩٠٢ (١٣٢٠). انظر ص ٣، ١٤ عن رأي الكمال في الجباص وخير الدين. وكذلك المنوني (المصادر) ٢/ ٢٤٨.