وبالإضافة إلى وصفة المذكور قام سيمسون بدراسة الاثنوغرافية وأحوال السكان سواء منهم الأوراسيون أو بدو الصحراء القريبة. وربط خلال ذلك علاقات صداقة مع بعض الأطباء المحليين الذين كانوا يعملون في سرية تامة، وقد نشر بعض التفاصيل عن ممارساتهم. وأثبت أن طريقة العلاج قد انتقلت منذ العصور الوسطى من العلماء العرب والمسلمين إلى هؤلاء الأطباء الذين ورثوها بدورهم عن آبائهم في عائلات تسكن الأوراس وتمارس الأعمال الطبية والجراحية، طبقا لتقاليد الطب العربي، وهي عائلات حافظت بشدة على أسرار مهنتها ثمانين سنة بعد الاحتلال. ولاحظ سيمسون أن بعض جراحي الشاوية كانوا يملكون كتب العلماء القدماء، ولكنهم غير قادرين في وقته على الاستفادة منها وقراءتها لانقطاع التعليم عنهم.
وخلال رحلاته في الأوراس كشف سيمسون أن الأطباء هناك كانوا يقضون وقتا طويلا في البحث عن النباتات المفقودة، وقد صورهم وهم يأخذون الأعشاب ويزنون المقادير، ثم وهم يمارسون فنهم على المرضى والجرحى. وكان أعظم ما قاموا به هو عملية ثقب الجمجمة Trepanation التي يجرونها بصفة خارقة للعادة. وقد سبق للسيدين (مالبو) و (فيرنو) أن وصفاها أيضا في (الانثروبولوجي) التي ظهرت سنة ٧ ١٨٩. واشتهر نجاح الأطباء الأوراسيين في المنطقة كلها، إذ كانوا يستبدلون القطعة المكسورة من العظم بقطعة من عظم كلب أو شاة مذبوحة حديثا. كما وصف سيمسون أيضا وبدقة كبيرة العمليات الي أجريت على العيون وأجزاء أخرى من الجسم الإنساني. ويبدو أن الآلات التي استعملت بالأوراس هي أكثر قدما من آلات هيبقراط (بقراط)(١).
والذين راجعوا كتاب سيمسون شهدوا له بالدقة ووضوح الصور. كما شهدوا على قدم ونجاح عمليات الأطباء الأوراسيين. فقد قال أوبري إن وجود الأهالي أثناء العمليات الجراحية وكذلك آثار الجراح المعالجة تدل