للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان المدني هذا قد ولد في الديس (نواحي بوسعادة) سنة ١٢٨٤. وتلقى العلم على شيوخ الناحية، ومنهم محمد بن عبد الرحمن، عالم زاوية الهامل، وأخذ (الطب والحكمة) عن والده، وعن دحمان بن الفضيل الديسي. ثم اتجه المدني إلى الزوايا بحثا عن العلم، فنزل زاوية ابن أبي داود بزواوة، ثم زاوية علي بن عمر بطولقة، ثم زاوية مصطفى بن عزوز بنفطة. ويهمنا أيضا وصف الشيخ محمود كحول للمدني في (التقويم الجزائري) بكونه يميل إلى (التقدم العصري) ومحبا للاطلاع. وأخبر كحول أيضا أن المدني قد حضر درس الشيخ محمد عبده في تفسير سورة والعصر بالعاصمة حين زارها سنة ١٩٠٣. ومن جهة أخرى فإن المدني قد تأثر علميا بالشيخ المكي بن عزوز، وأنه أخذ الطريقة الرحمانية على الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي. إن هذا الجمع بين الدنيا والدين، وبين العلم والتصوف، هو الذي رشح كتاب المدني بن الشيخ للنشر من قبل مطبعة فونتانة التي كانت تحت نظر الإدارة الفرنسية (١).

أما محتوى الكتاب فهو مجموعة من المعارف في الصحة والفلك والطب والمستحدثات التقنية ومضار بعض المأكولات والممارسات. وقد قالت عنه جريدة (كوكب افريقية) إن المؤلف جعل له مقدمة في الأسباب التي دفعته للتأليف، ثم تناول فيه الفصول الأربعة وما يختص به كل واحد منها وما يستعمل فيه. ثم تحدث عن السفر وفوائده، وجاء بمناظرة بين البادية والحاضرة، نثرا وشعرا، وما قيل في كل منهما. وتناول الكتاب أيضا علم الطب والتشريح والحواس الخمس كالفلك ونحوه، وحذر المؤلف من الدجاجلة المعاصرين. ولا شك أن ذلك يعني التحذير من اللجوء إلى الشعوذة والسحر والتداوي عند (المرابطين) بالوسائل الشيطانية التي ذكرنا بعضها. كما تحدث المدني عن أمرين آخرين هامين، الأول (المستحدثات العصرية) مثل السكة الحديدية والفوتوغراف، والثاني معاهد العلم التي زارها


(١) الشيخ كحول (التقويم الجزائري)، سنة ١٩١٣، ص ١٧٣ - ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>