للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأعشاب والاستفادة منها. ولاحظ أن بعض الجزائريين، سيما في بني ميزاب وفي زواوة كانوا يقيسون طبقات الأرض لمعرفة وجود المياه، كما أن الرعاة كانوا يعرفون أنواع النبات المفضلة لحيواناتهم. غير أن الجزائريين لا يعرفون البوصلة، ولا يعرفون أيضا تشكيلة الجسم سواء كانت بسيطة أو مركبة. ولكنه قال إن الجزائريين يفرقون بين عطور المرأة وعطور الرجل، فالياسمين مثلا للمرأة والعنبر للرجل.

ومن رأي بيرتيراند أن الخرافة قد انتشرت بين الجزائريين. فثقافتهم في رأيه محدودة. وما الخرافة إلا وليدة الجهل. فهم يكتفون بحفظ القرآن - وهذه كانت سياسة فرنسية مدروسة وليست اختيارا منهم، كما لاحظنا في فصل التعليم الإسلامي - ويعتقدون أن كل شيء موجود في القرآن. وهم يربطون الأحداث والألوان والأشياء ما حدث في الإسلام، ولا سيما تقاليد الرسول (صلى الله عليه وسلم). أما عن الجغرافية فقد قال إن الجزائريين لا يعرفون منها شيئا تقريبا. وهم لا يعرفون من بلادهم سوى ما مشت عليه أقدامهم (١).

كان بيرتيراند قد كتب ذلك بعد نشأة جيل كامل في حكم الاحتلال الفرنسي. ولا شك أنه عدل في مقاله ما كان تبناه في كتابه السابق. والوضع الذي وصفه صحيح في مجمله، ولكنه لم يقل إن الجزائريين لم يكونوا كذلك قبل هذا الجيل. وإذا غضضنا النظر عن العامة التي أهملتها السلطة الفرنسية تماما، فأين نتائج المدارس التي أنشئت منذ ١٨٥٠ (المدارس الرسمية الثلاث، ومدرسة الطب، والمدرسة السلطانية؟)، ألا يدل ذلك على فشل المهمة الحضارية التي تدعيها فرنسا طولا وعرضا في الجزائر؟.

وفي سنة ١٨٩٤ ألف الطبيب رايسير كتابا في تربية النحل. فقام الشيخ


(١) مقالة د. بيرتيراند E. L. BERTHERAND في الأخبار، عدد ١٢ نوفمبر، ١٨٦٩. وكانت مقالته هذه قد ألفت بعد حوالي أربع عشرة سنة من نشر كتابه عن الطب والنظافة الصحية عند العرب الجزائريين (١٨٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>