للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عرفنا في فصل سابق (١)، أن معظم النسابة المسلمين وكذلك التقاليد الشعبية (الشفوية) تنسب البربر إلى أصول عربية، سواء بالأصالة أو بطريق الولاء (٢). وهناك من ينسبهم إلى قبائل حمير اليمنية، ومن ينسبهم إلى بني كنعان. ولكن ابن خلدون فصل الكلام في ذلك وأوضح أن هناك قبائل بربرية لها ميزاتها وأشرافها، وأن البربر يشتركون مع العرب في أمور ويختلفون عنهم في أخرى. وكان ابن خلدون قد اعتمد على النسابة من البربر، سواء كانت آراؤهم مدونة أو شفوية. وخاض بعض الفرنسيين في مسألة النسب العربي والبربري بهدف تركيز احتلالهم في الجزائر وليس بهدف علمي أو تاريخي. ومن الذين فعلوا ذلك العقيد كاريت والدكتور وارنييه والسياسي صابتييه. أما المؤرخ ستيفان قزال فقد كان مختلفا عنهم إذ حاول أن يدرس موضوع النسب البربري بتجرد. إلا أن إيميل غوتييه حاول الإساءة إلى التاريخ الإسلامي (العربي والبربري) متفقا في ذلك مع معاصره ألفريد بيل. وهكذا اضطربت الأقوال في الأنساب البربرية بدل أن تتضح. وقد ظل النسابة والمؤرخون المحدثون على الرأي القديم، وهو أن البربر من العرب العاربة أو من الشعوب التي تدامجت مع العرب حضاريا ونسبيا حتى لم يعد المرء يفرق بينهما إلا ببعض اللهجات والملامح.

يقول الشيخ إبراهيم أطفيش: البربر في الحقيقة من الحميريين رغم اختلاف المؤرخين في أصلهم، إنهم من الموجات المهاجرة من اليمن بعد سيل العرم، وكانا هم يقولون عن أنفسهم إنهم من الحميريين (وهذا الذي يجب أن يعتبر) (٣). وجاء في كتاب (منابع الحضارة العالمية) لعبد الرحمن


(١) انظر فصل مذاهب وتيارات.
(٢) بالإضافة إلى المؤلفات التاريخية الإسلامية المعروفة، مثل المسعودي وابن حزم، انظر الروايات المنسوبة إلى كبار أهل زواوة سنة ١٨٥٧ في المجلة الأفريقية، ١٨٥٨. وقد ترجم النص السيد محمد واشق، ونشر في جريدة (الشعب) على ما أذكر أوائل الثمانينات. فقد كان معظمهم يتقدون أن أصولهم عربية.
(٣) إبراهيم أطفيش (كتاب الوضع)، ط ١، القاهرة، دون تاريخ ص ٤ - ٥، والكتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>