حجمه. فجعل الفصل الأول في فضائل التاريخ، والثاني والثالث في نسب الزواوة ومحامدهم (وقد تعرضنا إلى ذلك)، والرابع في زواياهم وعلمائهم وخدمتهم للغة العربية، والخامس في بعض عاداتهم، والسادس في الاصلاح المطلوب، والسابع في لائحة نظام التعليم المقترح وبيان طريق التعليم. ومن الواضح أن فصول الكتاب ما هي إلا توسع في ما جاء في المشروع. وقد دافع الزواوي عن علم التاريخ وذكر فوائده الجمة للأفراد والجماعات، بل افتخر الزواوي بأنه أول من عالج الموضوع، منذ قرون، وأنه خدم به الزواوة والأمة (؟) خدمة جليلة. يقول:(هذا آخر ما تيسر في وضع هذا الكتاب الذي لم يقدم مثله في الموضوع، وخدمت به الطائفة (الزواوة؟) والأمة خدمة لم يخدمها أحد منذ قرون). ورغم تعريف الزواوي للتاريخ بما يتفق وما عرفه عن الفرنسيين والأوروبين عموما ومع ما له من أهمية في حياة الأمم والشعوب والشعور القومي، فإنه في الحقيقة لم يلتزم بذلك في الكتاب، وإنما جعل الكتاب مجموعة من المعلومات الاجتماعية والدينية والثقافية من تراجم وعادات وزوايا. وقد أدخل فيه أيضا رأيه في الإصلاح العام (١).
وما دام الكتاب قائما على المشروع السابق، فلنشر هنا باختصار إلى أن المشروع ضم أبرز النقاط التي احتواها الكتاب. وهي: إفراد الزواوة بالمحامد وجعلهم خالصين آريين (وهو رأي حذفه من الكتاب، بعد أن التقى بالشيخ طاهر في مصر، وسكن معه، وتمسك بكون أهل زواوة حميريين قحطانيين)، ورأي بعض الساسة الفرنسيين في الزواوة وكون فرنسا تفتخر بهم أو تعطف عليهم (وهو أيضا رأي حذفه الزواوي من الكتاب لنفس الأسباب تقريبا)، ونفى المقولة أنهم أدنى من غيرهم لأنهم بربر ولا يتكلمون العربية، ومقارنة ذلك بما كان يشاع عن العرب والترك في المشرق (وهذا الرأي أيضا، خفف منه الزواوي كثيرا في الكتاب)، وكونه في عصر
(١) انتهى منه سنة ١٣٣٧ (١٩١٨) ونشره في دمشق (سورية)، سنة ١٩٢٤. وقد أورد فيه بعض أخبار الزواوة أيضا في بلاد الشام سنة ١٨٦٠. انظر أيضا الخالدي (دور المهجرين ...)، ص ٣٩١.