إن مصادر (الطلوع) تساعد على ذلك. فقد اعتمد مؤلفه (أو مؤلفاه - مؤلفوه؟) على الكتب العربية والأجنبية. وأهم الكتب العربية المؤلفة حول الناحية هي مؤلفات أبي راس والحميري (مسلم بن عبد القادر) والحسين خوجة، والشقراني والزياني (على فرض أن الكتاب ليس له)، ولعل ابن خلدون أيضا. وبالإضافة إلى ذلك اعتمد الطلوع على مؤلفات تعرضت إلى حكام فرنسا واسبانيا، وعلى تأليف (ايسترهازي) حول الحكم العثماني للناحية الغربية، وكذلك على (ما تنبري)(١). فهل كان المزاري والزياني على دراية باللغة الفرنسية أو الإسبانية ليستعينا بها على تأليف عمل مثل الطلوع؟ أما حياة الزياني فلا تدل على ذلك، رغم أنه كان يعرف بعض الفرنسية، وأما حياة المزاري فهي - كما قلنا - مجهولة إلى الآن.
والعنوان الأصلي للكتاب هو (طلوع سعد السعود في أخبار وهران ومخزنها الأسود)، وأحيانا ترد عبارة جيشها مكان مخزنها. ولكن المحقق أو الناشر قد اختار الإضافة والإشهار للعنوان فأصبح (طلوع سعد السعود في أخبار وهران والجزائر وإسبانيا وفرنسا إلى أواخر القرن التاسع عشر). إن محتوى الكتاب يشمل كل ذلك فعلا، ولكن المخطوط كان بعنوان مختصر ومركز على (عين المراد). وقد لاحظ الذين درسوا الطلوع أن صاحبه لم يكن مؤرخا ناقدا أو معللا دقيقا للأحداث. وإنما كان يسردها بعد نقلها من مظانها دون تدخل. ورغم أن حياة الأمير عبد القادر ومقاومته وتاريخ الدوائر والزمالة أصبح معروفا، فإن الطلوع يقدم وجهة نظر خاصة حول ذلك كله، لأسباب منها أن المؤلف كان يعبر عن المواقف الصعبة التي اتخذها زعماء العهد الأول من الاحتلال. ومن الجيد أن يقارن الباحثون بين ما جاء في كتاب الطلوع وكتاب ولد قاضي عن الدوائر والزمالة أيضا.
(١) محمد غالم، مرجع سابق، والدول التسع المشار إليها - وقد وردت أيضا في كتاب الزياني - هي الأمويون، والعبيديون (الفاطميون) والمرابطون، والموحدون، والزيانيون، والمرينيون، والإسبان، والأتراك، والفرنسيون. وحين تحدث عن الأمير أثناء العهد الأخير كان الموقف منه مشابها لموقف الزياني، انظر ما سبق.