يذكر العوامر اسم الشخص الذي طلب منه ذلك، ولكنه عبر عنه (بولاة الأمور)، وهي إشارة إلى قيادة المكتب العربي التي كان على رأسها في أول هذا القرن الضابط كوفيه. ونحن نرجح أن كون هذا هو الذي طلب منه الكتابة في الموضوع. وقد نشر كوفيه بعد انتهاء مهمته، تاريخا واسعا لسوف من وجهة نظره، وضمنه أمورا كثيرة نجدها في كتاب العوامر.
ومهما كان الأمر فإن عنوان الكتاب الذي نحن بصدده هو الصروف في تاريخ سوف. وقد ألفه صاحبه، حسب بعض النسخ سنة ١٣٣١ (١٩١٣). وتقول بعض المصادر إنه كتب أيضا نسخة أخرى بدأها سنة ١٩١٦، وهي تكاد تكون كالأولى، غير أن التنقيحات التي أضافها جعلت الكتاب يتوسع ليشمل نواحي أخرى غير سوف، كالحديث عن أجزاء من الصحراء ذات الصلة بوادي سوف (١).
ونظام كتاب الصروف يشبه نظام الكنانيش والمذكرات. فهو بدون فصول ولا أبواب، وإنما يشمل الأحداث والعناوين المستقلة، وكلما انتهى من تغطية الحدث أو الموضوع انقل إلى آخر، وهكذا. فالكتاب عبارة عن (مسائل) وحوادث متفرقة وليس تاريخا مترابطا. وقد اعترف المؤلف نفسه بذلك حين كتب (وبعد: فهذه نبذة لطيفة ومسائل شريفة، في بيان أحوال الصحراء وسوف، وما اشتملت عليه من الحوادث والصروف).
ويمكننا تقسيم كتاب الصروف إلى قسمين متميزين، الأول في المسائل والنبذ التاريخية، والثاني في الأنساب، والأول أكبر حجما من الثاني. ويمكننا أيضا تقسيم القسم التاريخي إلى وحدات: مسائل عامة في الجغرافية وصفة المنطقة ونباتها وحيوانها وعمرانها، وهذا يشمل أيضا الأغواط وبسكرة وغرداية وتقرت وورقلة. ومسائل تاريخية بعيدة عن سوف مثل الأمم والشعوب القديمة السابقة للفتح الإسلامي والعربي - كالكنعانيين والرومان والوندال والروم - ثم الفتح نفسه وبداية استقرار الفاتحين. ومسائل تتعلق
(١) إبراهيم العوامر (الصروف في تاريخ الصحراء وسوف) ط. تونس، ١٩٧٧، المقدمة.