للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون ذكر النسخة أو النسخ التي كان يأخذ عنها. وكان كتاب العدواني معروفا للفرنسيين لأنهم ترجموه منذ ١٨٦٧ (١).

وكان العوامر في الثلاثينات من عمره عندما ألف (الصروف) - فقد ولد سنة ١٨٨١، سنة احتلال تونس - وعاش في عهد أربعة حكام عامين بارزين في تاريخ الجزائر، لويس تيرمان وجول كامبون وشارل جونار وشارل ليتو. وقد كان لكل واحد منهم صفة تميزه في حكمه، ومما يذكر أن تيرمان كان أول حاكم فرنسي يزور سوف إذ دخلها في عربة حملته إليها من تقرت. وفي عهد ليتو ألف العوامر كتابه. ونظرا لطموحه وشبابه وتعلمه طلبوا منه كتابة الصروف. ولعله فعل ذلك طمعا في الوظيف أو تفاديا لغضب الإدارة. فقد درس في موطنه ثم في تونس بالزيتونة، وتتلمذ على مشائخ متنورين أمثال محمد النخلي ومحمد الخضر حسين. وكانت تونس أيام رحلته في طلب العلم تشهد حركة نشيطة في الثقافة والسياسة. ولا شك أنه ظل على صلة بها حتى بعد رجوعه إلى وادي سوف. وقد كانت فترة طفولته وشبابه تشهد أيضا قمة انتشار الطرق الصوفية واعتماد السلطة الفرنسية على بعضها، ويا ويح من قاطع هذه الطرق أو انضم إلى بعض وخاصم الأخرى.

ويروى من ترجم له أن الشيخ العوامر رأى من الحكمة إرضاء جميع الطرق الصوفية والاستفادة من الجميع وذلك بالانضمام إليها في نفس الوقت (٢) ? رغم أن التجانية تمنع أتباعها من الانخراط في الطرق الأخرى - ولا ندري كيف وفق الشيخ العوامر بين كل هذه الطرق المتنافسة والمتناقضة أحيانا،. وقد كان بعض العلماء والمتعلمين وحتى الحكام يفعلون ذلك أيضا منذ القديم. ولعل ما يشفع للعوامر أن أبويه كانا ينتميان لطريقتين أيضا، فالأب تجاني والأم قادرية، وكانت الرحمانية نشيطة أما في سوف على


(١) وقد حققناه ونشرناه سنة ١٩٩٦، في دار الغرب الإسلامي، بيروت.
(٢) وكذلك كان يفعل بعض الحكام عندئذ، مثل سلاطين المغرب. واشتهر عدد من العلماء أوائل هذا القرن، مثل القاضي شعيب في تلمسان، وابن الحفاف وابن سماية في العاصمة، بالدخول في عدة طرق. انظر فصل الطرق الصوفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>