والسياسية. ولكن المشرفي، كما عرفنا في غير هذا، كان يعيش في المغرب الأقصى في ظل السلطان الحسن الأول. وكان المغرب بدوره قد دخل في صراع مع فرنسا التي كانت لها أطماع في احتلاله وسط نفوذها عليه. وقد عكست مؤلفات المشر في هذه التطورات في المغرب بالخصوص.
ويهمنا الآن البابان الخامس والسادس من ذخيرة الأواخر والأول. فقد خصص المؤلف الباب الخامس لتاريخ الإسلام وانتهى فيه إلى القرن التاسع عشر. ويذكر المنوني أن المشرفي توسع في العهد العثماني بالجزائر وكذلك الاحتلال الفرنسي لها. وقد اطلع المستشرق الفرنسي هنري بيريز على الذخيرة وقدم بحثا حول ما جاء فيها عن الاحتلال الفرنسي. وانتهى إلى أن المشرفي قد استعرض مراحل الاحتلال والمقاومة ولكنه مدح ما قام به الفرنسيون في الجزائر (١). والظاهر أن بيريز لم يدرس الذخيرة دراسة تاريخية وإنما أخذ منها رأي مؤلفها في الاحتلال الفرنسي لبلاده. وهذه هي النقاط (الإيجابية) في رأي بيريز، كما وردت في الذخيرة: استتباب الأمن العام والخاص في الطرقات والأسواق، ومد الطرقات وتقصير المسافات بين المدن، وحرية الدين والعبادة، وعمارة المساجد، واحترام العلماء وتوظيفهم مع منحهم الرواتب، وانتشار التعليم وعمارة المدارس، وعمارة الأرض والفلاحة، ووجود المراكز (المستوطنات) الفرنسية بنواحي الهبرة ومعسكر، وهي مثال في النظام والانتاج والرخاء، وانعدام المظالم مع العناية بالمساكين من المسلمين، ووصف حالة البدو في الصحارى، والقبائل في الجبال، والميزابيين والتجارة، ثم الحديث عن الضرائب التي لا يهرب منها أحد. وحرية التصرف إذ أن كل من يرغب في شيء فله ذلك بشرط عدم إذاية أي شخص آخر.
(١) هنري بيريز (رحلتان - المشرفي وبيرم الخامس? في المؤتمر الأول لاتحادية الجمعيات الفرنسية، الجزائر، ١٩٣٥، ص ٢٦٦ - ٢٦٧. أما الباب السادس من الذخيرة فلا يهمنا هنا، وهو عن أخبار الدولة العلوية بالمغرب الأقصى إلى عهد السلطان الحسن الأول.