بأنه كتاب ألفه صاحبه بهدف سياسي وطني (١). ولا يمكن أن يكون (كتاب الجزائر) غير ذلك. والواقع أن هذا الكتاب لم يكن تاريخا حين صدر، فقد كان شاملا لمواضيع عديدة معاصرة مثل النظام الإداري والقضائي، والمحاكم، والحالة الاقتصادية والاجتماعية، وأبرز المدن وعدد سكانها، والحياة التعليمية، وواقع الصحف والنوادي، وما إلى ذلك. أما الجانب التاريخي في الكتاب فضئيل جدا، وهو حسب ابن شنب لا يعدو ربع الكتاب. والمقصود بالجانب التاريخي هو ذكر الدول الماضية ومددها وحضارتها ودور الجزائريين عبر التاريخ وأبرز القبائل التي استوطنت الجزائر من بربر وعرب. إن كتاب المدني يشبه إلى حد كبير كتاب المرآة لحمدان خوجة. وكانت معرفة المدني بالفرنسية قد ساعدته على معرفة تاريخ الجزائر المكتوب بأقلام فرنسية أيضا، ولا سيما فترة الاستعمار التي انعدم فيها التأليف والنشر قبله تقريبا. وهكذا رجع إلى المؤلفات والوثائق الفرنسية التي تتناول الموضوعات المشار إليها وصاغ منها كتابا فيه جزء من التاريخ ولكنه كتاب موجه ومستوحى من احتفال الفرنسيين بالاحتلال (بدأت الاستعدادات للاحتفال سنة ١٩٢٧). وقد أصبح الكتاب مرجعا هاما للدارسين والمطالعين، ومن الذين رجعوا إليه ونوهوا به الأمير شكيب أرسلان في حاضر العالم الإسلامي.
أما الجانب السياسي للكتاب فيظهر من اعتماد المدني على بعض الآراء الفرنسية التي تقول بإنصاف الأهالي. ويذهب ابن شنب إلى أن المدني قد اعتمد على نصوص ووثائق فرنسية من بينها كتاب موريس فيوليت:(هل ستعيش الجزائر؟) واشتمل كتاب الجزائر أيضا على إحصاءات مرجعها الوثائق الفرنسية. ولكن لغته وأسلوبه وعاطفته كلها في صالح الهوية العربية - الإسلامية للجزائر، وهو يقف ضد الاندماج، ويقف إلى جانب ابن باديس في دعوته إلى المساواة بين الفرنسيين والجزائريين. وأبرز المدني أيضا أن