باديس في أقاليم البلاد. ولذلك نكتفي هنا بالتنبيه عليها لأننا لن نذكرها في هذا الفقرة.
١ - رحلة الحاج البشير، حوالي ١٨٦٧. وقد أملاها على أحد الفرنسيين، وهو ف. فيليب، عندما كان الحاج البشير في الخامسة والخمسين من عمره. ولد الحاج البشير في وادي الرتب ببلاد الشرفة على مسافة من تافيلالت، سنة ١٢٢٩ (١٨١٤). ومنذ كان عمره ١٧ سنة بدأ حياة الترحال، فذهب إلى فاس ومكناس، ثم استقر في تلمسان وعمره حوالي ٢٣ سنة، وتزوج من أربع عشرة امرأة. ولكي يعيش كان عليه أن يتنقل بين القبائل في إقليم وهران، وصادف ذلك عهد المقاومة تحت لواء الأمير عبد القادر. وكان الطرف الفرنسي والجزائري يشك فيه لأن كليهما يعتبره جاسوسا لعدوه. وذات مرة كاد الحاج البشير أن يهلك. ولما كان عمره ٣٣ سنة ركب البحر إلى الحج عن طريق مرسيليا والإسكندرية. وفي مصر تعرف على أحوال الشرق ورأى جيش محمد علي باشا. واستغرقت الرحلة سنة، ثم رجع إلى تلمسان، واستقر بعد ذلك في مكان يعرف بزهرة، في بلاد بني سنوس، ولكنه ظل يتردد على سبدو.
وللحاج البشير ذاكرة عجيبة، حسب فيليب الراوي عنه. فهو يتذكر المسافات التي قطعها وأسماء الأماكن والأشخاص الذين لقيهم. ويستطيع وصف الجميع. ورغم أنه كان أميا فإنه كان يروي الأحداث منطقيا وفي ترتيب ملفت للنظر. وقد أملى رحلته من الذاكرة في شكل يوميات ومراحل، وابتداء من تلمسان حيث باعوا حمولة مائة جمل من الجلد الفيلالي. وقد مروا بماسيون في دوار بني ماذر (معذر؟) الغرابة، ورأس العين وتقفايت، وفي هذه الأخيرة استقبلهم المرابط حمزة بن الطيب ثم سيدي علي بوسماحة حيث قبة لمرابط شهير (جد أولاد سيدي الشيخ، عبد القادر بوسماحة؟) وسوق عظيمة وزاوية تضم عددا كبيرا من الطلبة. ثم مروا بدبدو، وهي عاصمة بني مرين القديمة حيث آثار قصرهم ما تزال قائمة، وفيها مسجدان كبيران بصومعتين عظيمتين، ثم قعدة دبدو حيث أولاد سيدي محمد بن