٢٤ - رحلة ابن علي الشريف إلى فرنسا. وجرت في نفس التاريخ المذكور في رحلة ابن صيام. وقد ترافق الرجلان في السفر لنفس الغرض. وحياة محمد السعيد ابن علي الشريف مليئة بالعبر. فهو من أشراف الأدارسة، حسب سجلات عائلته، وترجع الأسرة إلى عبد السلام بن مشيش، واستوطنت زواوة منذ قرون، وبني جده، الشريف موسى وعلي، زاوية شلاطة التي أصبحت مركزا علميأ مشعا في زواوة وخارجها. وكان محمد السعيد هذا هو الذي جعل سمعة كبيرة لزاوية شلاطة. وكانت له مؤلفات وطلبة ومريدون أوائل القرن التاسع عشر. وقد ولد محمد السعيد في سنة ١٨٢٠ في يلولة. وتربى في حضن العائلة والزاوية، وكان عمره عشر سنوات فقط عندما وقع الاحتلال. ولكن احتلال زواوة وقع بالتدرج. وبعد هجومات قام بها بوجو خلال ١٨٤٤ و ١٨٤٧ بدأت العلاقات مع الشاب ابن علي الشريف تتضح. فقد تولى للفرنسيين منصبا إدارية، رغم طابع الزاوية الديني - منذ ١٨٤٧، وعمره ٢٧ سنة فقط. وتعلم الفرنسية، ولم يكد يصل إلى بداية الثلاثينات حتى كان من بين الأعيان الذين استقبلهم نابليون الثالث ومنحهم الأوسمة الشرفية. فسفرته إلى فرنسا سنة ١٨٥٢ كانت لحضور حفلة توزيع الأعلام على ضباط الجيش، كما ذكرنا.
وقد عاش ابن علي الشريف كل تقلبات الأحوال في زواوة بين ١٨٤٧ و ١٨٩٦ تاريخ وفاته. ومن التواريخ الهامة التي عاشها ثورة الشريف بوبغلة أوائل الخمسينات في المنطقة التي كانت تابعة لنفوذه (ابن علي الشريف)، وكان هذا في موقف صعب، بين التصدي له والتغاضي عنه. ولم يفده طلب الرخصة للحج لتفادي المواجهة مع الطرفين: بوبغلة والفرنسيين. ثم وقع الاحتلال الثاني، وربما الحاسم، لزواوة وهو سنة ١٨٥٧. وكان عليه
= (ثلاث رحلات ...) مرجع سابق. وكذلك إبراهيم الونيسي رسالة ماجستير عن جريدة المبشر، مخطوطة. انظر المبشر حيث نشرت الرحلة ابتداء من ١٥ يونيو ١٨٥٢ (خمس حلقات). انظر أيضا الزبير سيف الإسلام (فن الكتابة الصحفية عند العرب في القرن ١٩) الجزائر، ١٩٨٦.