زاوية الهامل حيث عاش فترة طويلة. ومنهم من هاجر أولا، إلى دمشق ودرس بها ثم رجع إلى الجزائر وتولى بها الوظائف الرسمية. ومن هؤلاء الطيب بن المختار، وهو شاعر وناثر، وكذلك عدد من عائلة بوطالب المعسكرية. ومن أدباء هذه العائلة أحمد المجاهد الغريسي وأبو بكر بوطالب.
أما في القرن العشرين فقد وجدنا مجموعة أخرى من الجزائريين الذين درسوا بالأزهر أو عاشوا بالشام أو هاجروا إلى الحجاز ثم رجعوا إلى وطنهم وشاركوا في نهضته، وقد تولى بعضهم الوظائف الدينية الرسمية. وتحضرنا الآن أسماء المولود الزريبي، وأبي يعلى الزواوي، والطيب العقبي، والبشير الإبراهيمي، والمولود الحافظي، والعربي التبسي، وأحمد رضا حوحو. وقد نضيف إليهم عبد الحميد بن باديس. والواقع أن العهد الأخير قد شهد أيضا عودة مجموعة من المتعلمين الجزائريين من الزيتونة وإلى حد ما من القرويين. وكان بينهم أدباء متميزون أمثال الشاعرين محمد العيد ومفدي زكريا. وكان من المتوقع أن يحدث صراع بين المدرسة العربية والمدرسة الفرنسية، وهو صراع بقي إلى عهد الاستقلال.
وهناك أدباء (بعليون)، إذا صح التعبير، ونعني بهم أولئك الذين درسوا بوسائلهم الخاصة وعانوا مرارة الحياة خارج النظام الاستعماري، ثم وجدوا أنفهسم داخل هذا النظام أو على هامشه. ومنهم أحمد البدوي الذي كتب للأمير عبد القادر، ثم أصبح محررا في جريدة (المبشر) مع المستشرق البارون دي سلان. وقد وظفت أسرة المبشر أيضا شخصا آخر له ثقافة غزيرة واستفادت من علمه وأدبه وهو الحفناوي بن الشيخ (أبو القاسم) صاحب كتاب تعريف الخلف. فقد وظفه المستشرق (آرنو) مدة طويلة. ومنهم محمد الديسي الذي درس في الزوايا المحلية وظل طول حياته مدرسا ومؤلفا في زاوية الهامل، وهو صاحب المقامات والإجازات والتقاريظ العديدة. وقد نذكر من هؤلاء شخصا آخر كان له قلم وفكر وكان أيضا بعليا عصاميا وهو محمد العاصمي.