للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يترك بوليفة أولادا. ولم يذكر من ترجموا له حياته العائلية. ولكنه ربى ابني أخيه أحمد وبلقاسم. وكان صالح بن بلقاسم هو الذي زود سليم شاكر بالمعلومات عن عمر بن سعيد بوليفة - عم أبيه. وكان صالح ما يزال يعيش في عدني عندما كتب شاكر مقالته عن بوليفة سنة ١٩٨٧. وكانت والدة صالح هي التي أنقذت بعض أوراق بوليفة من النيران خلال حرب التحرير. وقد نوه شاكر بسي عمر بوليفة على أنه (بربري) متعدد الجوانب ومن رواد اليقظة البربرية - الزواوية. فهو بتدريسه اللغة البربرية واتخاذه الطريقة المسماة (المباشرة) في تعليمها، واهتمامه بتاريخ وآداب زواوة، كل ذلك في نظر شاكر، جعل منه رائدا من الرواد في هذا المجال (١).

ونحن نرى أن عمل بوليفة كان بالأساس موجها من قبل المستشرقين والإداريين لأسباب شرحناها. وليس الأمر مقصورا عليه، بل كان هو وغيره من ضحايا هذا المخطط. ولم تكن له مبادرة فيه أو اختيار إلا في كتابة تاريخ زواوة، ربما. أما تدريس اللغة وجمع نصوص آدابها وأغانيها فقد كان ضمن الحملة الاستشراقية التي اشترك فيها الجميع، جزائريون وفرنسيون، وشمل زواوة وغيرها. وحتى الاهتمام بتاريخ زواوة فقد رأينا أن أبا يعلى الزواوي قد سبق بوليفة في ذلك، أي منذ ١٩١٢، وقد أخرج الزواوي كتابه سنة ١٩٢٤، سنة قبل ظهور كتاب بوليفة. كما أن الشيخ محمد السعيد بن زكري سبق إلى الحديث عن زوايا زواوة وقوانينها قبل أن يكتب بوليفة قانون عدني وقانون زاوية سيدي منصور. فكتاب (أوضح الدلائل) لابن زكري طبع سنة ١٩٠٣، وربما كان هذا الكتاب مصدر وحي واهتمام لبوليفة الذي لم يبدأ في نشر بعض أعماله إلا سنة ١٩٠٤. وليس هذا تفضيلا لأحد على آخر ولكنه فقط الاجتهاد في البحث وإعطاء كل ذي حق حقه من الريادة. وهو أيضا إنصاف لمن كتبوا بغير الفرنسية من مثقفي زواوة.


(١) سليم شاكر، (وثائق عن الرواد: مصلحان قبائليان ...) في (مجلة الغرب الإسلامي) ١٩٨٧، ص ١٠٢ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>