للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت (١). وقد اهتم بعض العلماء بالبلاغة حتى في عهد الاحتلال، رغم قلة الفاهمين لها والعاملين بها. ومنهم أحمد بن المبارك المعروف بالعطار والمتوفى سنة ١٨٧٠. فقد تولى التدريس في الكتانية بقسنطينة، وألف في علم البلاغة بوضع حاشية على شرح عبد الرحمن الأخضري (الجوهر المكنون) (٢). ولا شك أن البلاغة قد استمر تدريسها كعلم من علوم العربية في المدارس الثلاث الرسمية، وهي المدارس التي كانت في وقت ما تضم بعض المثقفين العصاميين أمثال: محمد الزقاي (تلمسان) وحسن بن بريهمات (العاصمة) ومحمد الشاذلي (قسنطينة). وقد ترك كل منهم عملا يدل على مستواه في فن الكتابة. فالشاذلي كان شاعرار وناثرا. وبريهمات كان ناثرا أكثر منه شاعرا، وله اطلاع واسع على فنون الأدب. أما محمد الزقاي فلا نعلم له سوى مقالة نشرها في جريدة المبشر، وكان متنوع الثقافة إذ درس في الجزائر والأزهر (وربما درس في المغرب أيضا).

ثم جاء جيل آخر من الكتاب، جيل الثلث الأخير من القرن الماضي، وفيه درس وألف عدد من الأدباء. نذكر منهم الشاعر الناثر عاشور الخنقي، والناثر عبد القادر المجاوي، والشاعر الناثر الطيب بن المختار. ومن يرجع إلى إرشاد المتعلمين (٣) للمجاوي ثم كتاباته اللاحقة، يعرف أنه كان ضليعا في فنون النثر بعامة، سواء في تدريسه أو تأليفه. ولكنه اشتهر، مع ذلك، بالتدريس. أما عاشور فقد انتصب للتدريس في قسنطينة ثم في زاوية الهامل، وكان متمكنا من ناصية اللغة والأدب، ويعتبر فلتة في وقته. وكان قد تخرج من زاوية نفطة، بينما تخرج المجاوي من القرويين بالمغرب. ومن أبرز أدباء هذه الفترة أيضا الطيب بن المختار ومحمد بن يوسف أطفيش. وكان الأول قاضيا وشاعرا وله نثر أدبي راق (انظر تحفة الزائر). أما الشيخ أطفيش فقد كان يهوى الأدب ويدرسه لتلاميذه، رغم شهرته بالتأليف في فنون أخرى كالتفسير


(١) تعريف الخلف ٢/ ٥٩. انظر عنه فصل السلك الديني والقضائي.
(٢) عن حياة أحمد بن المبارك انظر فصل التاريخ.
(٣) طبع في مصر، ١٨٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>