أشرنا في الجزء الثاني إلى وجود العديد من هذه الشروح والحواشي في العهد العثماني. ولكن هذا النوع قد ضعف في عهد الاحتلال. فقد قلنا إن الثقافة العربية (الكلاسيكية) عموما قد ضعفت. وكان الشراح والمحشون عادة يلجأون إلى تلك الصنعة خدمة لتلاميذهم ونشرا للفائدة. ولكن المدارس التي كانت تستعمل تلك الشروح والحواشي قد اختفت تقريبا، ولم تبق إلا بعض الزوايا المهمشة. أما المدارس الرسمية فقد كان المستشرقون الفرنسيون يختارون لها بأنفسهم النماذج من الكتب العربية القديمة أو المطبوعة حديثا.
ومع ذلك وجدنا بعض الشروح والحواشي سواء فيما كتبه المقيمون أو المهاجرون. ومن المهاجرين نذكر أبا حامد المشرفي الذي كتب وهو في المغرب (شرح الشمقمقية) لابن الونان. وقد سمى شرحه (فتح المنان في شرح قصيدة ابن الونان). وهي من عيون الشعر والأدب، وفيها مواعظ وحكم وأخبار ونسب. وللمشرفي شرح آخر على قصيدة يبدو أنها في التصوف، وسمى هذ الشرح (الفتح والتيسير). وقد تأثر شرح المولود الزريبي لمتن ابن عاشر بالأسلوب الأدبي، رغم أن المتن في حد ذاته في العقائد. ولكن أسلوب عبد القادر المجاوي في (اللمع في نظم البدع) وبعض شروحه الأخرى أسلوب (علمي)، فهو عالم ومدرس أكثر منه أديب. وكان الديسي من الأدباء والشعراء ولكن شرحه على العقيدة التي وضعها القاضي شعيب قد غلب عليه الأسلوب الديني. وكذلك غلب الأسلوب الديني على شرح إبراهيم بن عامر (العوامر) السوفي على المولود بن الموهوب. ومهما كان الأمر فإن الشروح الأدبية ظلت متوفرة ولكنها قليلة (١). على أن الأدباء المعروفين كالإبراهيمي وعاشور الخنقي لم يساهموا فيها. كما كان يفعل كبار الأدباء في العهد العثماني.
وفي نطاق الشروح أيضا ذكر المترجمون أن أبا القاسم البزاغتي له
(١) نعرف أن الشيخ محمد الطاهر التليلي قد وضع عدة شروح على أعمال قديمة، كالسمرقندية، وهو عالم وأديب.