ومن ثمة فإن أغراض شعره لا تكاد تخرج عن هذه الحقول. وقد رتب السيد أحمد بوعد ديوان محمد العيد على حروف الهجاء ولم يراع الموضوعات. أما الذين جمعوا شعره فيما بعد فقد حاولوا تقسيمه إلى أغراض، فكان أمرا صعبا حقا (١). فأنت تجد في القصيدة الواحدة كما قلنا مجموعة من الأغراض. فالرد على أعداء الإسلام تجد فيه الدعوة إلى النهضة والقومية، وأبيات في توجيه الشباب قد تجد فيها التربية والأخلاق والسياسة، وقصيدة تبدو غزلية فإذا فيها فلسفة وتأملات وتصوف. أما الفخر والهجاء فان محمد العيد لم يطرقهما على حد علمنا. وقد مدح أعيان العلماء، ورثاهم أيضا، وكذلك أعيان السياسة في الجزائر والعالم العربي. وأشاد بالمواقف والنزعات الخيرية والمشاريع القومية. ولم يكن يمدح عن طمع كما فعل شعراء آخرون. فالذين مدحهم (إذا جاز أن نسمي ذلك مدحا) لم يكن لهم ما يقدمون إليه من الوسائل المادية.
وهناك باب آخر أكثر منه محمد العيد هو الشكوى والتشكي من الزمان وأهله، وليس ذلك عن تذمر وانزعاج ولكن عن قلق وتوتر شعري وتواجد صوفي. وقد وجدنا له قطعا في مدح قادة الطريقة التجانية المتوفين (مثل الحاج علي التماسيني، وكان الشاعر نفسه قد سمي على أحد شيوخ التجانية، وهو محمد العيد التماسيي المتوفى سنة ١٨٧٥)، وكل ما كانت الطريقة التجانية تفعله نحوه هو حمايته من جبروت السلطة الفرنسية إذا تعرض لسوء، كما حدث له سنة ١٩٥٥. ولكن شعره الذي نحن بصدده قد قيل قبل الخمسينات.
٢٨ - ديوان العقبي: لا نعرف أن له عنوانا، ولكن جاء في (شعراء الجزائر) أن للطبيب العقبي أشعارا كثيرة لو جمعت في ديوان لجاءت في
(١) جمع محمد بن سمينة ما لم يشمله ديوان محمد العيد المنشور سنة ١٩٦٧، وهو ما فات جامعي الديوان، ونشره في دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٧. وكان المرحوم علي أمقران السحنوني قد استدرك بعض ذلك في مقالة صحفية. ونعتقد أن الأيام ستكشف عن مستدركات أخرى من شعر محمد العيد.