ولم يذكر لوسياني متى توفي الشاعر، وإنما قال إنه توفي منذ سنوات. ويبدو أن إسماعيل شاعر مكثر، وهو ما أكده لوسياني أيضا رواية عن الشيخ ابن زكري. ولكن أين شعره أو بالأحرى ديوانه؟ وهل كان موقفه السياسي سببا في إهمال شعره الكثير؟ (خلافا للشاعر محمد بن محمد). ولا ندري إن كان بوليفة قد أضاف أشعار إسماعيل إلى مجموعته من الشعر القبائلي سنة ١٩٠٤. ومهما كان الأمر فإن لوسياني قد أخذ النصوص عن الشيخ محمد السعيد بن زكري كما ذكرنا، وكان ابن زكري إماما بمسجد سيدي رمضان بالعاصمة وأستاذا في مدرسة الجزائر الرسمية. ويقول لوسياني إن الشيخ ابن زكري قدم له النص الأصلي بالحروف العربية، وأكد له أصالة الشعر، وترجم له حياة الشاعر، وأعانه على الترجمة من الأصل إلى اللغة الفرنسية (١).
وإذا كانت ثورة ١٨٧١ قد وجدت شاعرها في إسماعيل الزيكي، فإن ثورة ١٨٨١ قد وجدت شاعرها في محمد بلخير. وهذه هي المعروفة بثورة بوعمامة، حسب المصطلح التاريخي. وكان بوعمامة من ناحية البيض، ولد حوالي ١٨٣٥ في قبيلة الرزيقات. وكانت ثقافته محلية وشفوية، ولعله عرف مدرسة الخيمة حيث القرآن وعلوم الدين. ولكنه تثقف من الحياة نفسها واستمد طاقته من التراث والتقاليد التي حوله. ومنطقة البيض عاشت عهد الرخاء والنعومة على عهد الخليفة حمزة، ثم عهد التقشف والثورات والمجاعات منذ الستينات حين جاء قانون الأرض ١٨٦٣ ليقضي على (الارستقراطية العربية) ويحل محلها فئة اجتماعية صغيرة موالية للسلطة
(١) دومينك لوسياني (قصائد قبائلية) في (المجلة الإفريقية)، ١٨٩٩، القسم الأول، ص ١٧ - ٣٣، والقسم الثاني، ص ١٤٢ - ١٧١.