للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرشال والقليعة والمدية وتلمسان وتنس وبسكرة والأغواط وغرداية وعدة مراكز في زواوة، نماذج أيضا من هذه الورشات. ويجب ألا يختلط علينا أمرها بالمدارس الابتدائية أو نحوها، فنحن نتحدث هنا عن الورشات الخاصة بإنتاج المطروزات ونسج الزرابي وأشغال الإبرة، أي هذه الصناعات التي تدخل في إحياء التراث التقليدي من جهة والتجارة به من جهة أخرى.

ولا بد من الملاحظة هنا أن جمعية الآباء البيض والأخوات البيض كانوا يقومون أيضا بأعمال موازية في كنائسهم وورشاتهم التابعة للأسقفية. وكانت الورشات قد أنشئت حيث يكثر النشاط الديني التنصيري مثل غرداية وزواوة وبسكرة والشلف. وبذلك أصبح هناك غرض ثالث من هذه الورشات، وهو التنصير بدعوى إحياء الصناعات التقليدية. أما تعليم اللغة الفرنسية (وغسل المخ) والتوجيه الثقافي فهو قدر مشترك بين جميع المدارس والورشات. ومما يذكر أن هناك ورشات للطرز أيضا قد أسستها سيدات إنكليزيات كن يدن بالمذهب البروتيستنتي، في كل من شرشال وضاحية مصطفى باشا بالعاصمة (١).

وعشية الحرب العالمية الأولى كانت مدارس الطرز والنسيج التقليدي موجودة في عدة نقاط بالجزائر. من ذلك ورشة العاصمة التي كانت تديرها سنة ١٩١٣ السيدة قيتفيل. وكانت هذه السيدة قد تعلمت فن الصناعات التقليدية بالقيروان. ثم أسست ورشة في وهران، وأخيرا حلت بالعاصمة. وقيل إن مدرستها التي كانت في نواحي القصبة (شارع مرنقو)، قد ازدهرت، وكانت تضم حوالي ١٧٠ تلميذة، وكانت الورشة تضم ست عشرة بنتا يتعلمن بصفة دائمة، أعمارهن بين العاشرة والثالثة عشر. وكانت المدرسة متخصصة في صنع الزرابي والسجاد القديم بالأسلوب الفارسي والقبطي. وكان إنتاجها مطلوبا جدا. وهذا يبرهن، إذا صح، على تحويل الصناعات الوطنية عن


(١) بوجيجا إيمانويل، المجلة الجزائرية SGAAN (١٩٣٨)، ص ٧٢ - ٧٤. حول دور المدارس الفرنسية المتجهة للتعليم الإبتدائي، انظر فصل التعليم الفرنسي والمزدوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>