للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك على الصناعات النحاسية إذ أدمج الأسلوب السوري مع الأسلوب الجزائري، وأصبح هذا الطراز الجديد يعلم في المدارس والورشات، كما ظهر في بعض الإنتاج. ويسمى ميرانت ذلك (نوعا من النهضة) في هذا الفن. وكانت إدارة التعليم هي التي وراء هذا التحديث والرجوع في نظر الفرنسيين، إلى الفن الأهلي الأصيل، وهي نهضة تعتمد البساطة والرشاقة في الرسومات والزخارف التي لا تتناقض أيضا مع تعاليم الإسلام (١).

ومن جهة أخرى ساهم استعمال المواد الكيمياوية في الألوان وإنشاء ورشة جديدة للصباغة في إعطاء حيوية للفن المحلي. فبعد الفوضى التي أصابت هذا الفن من اجتهادات المجتهدين الفرنسيين وبعد اختفاء أهله العارفين به، أصابه الاختلاط في الألوان وضياع الهوية الوطنية. ويبدو أن الفرنسيين كانوا يظنون أنهم بمراجعة ميدانية لما أصاب الفن الجزائري ومحاولة تدارك الألوان والصباغات، سيبعثون فيه الحياة. ولذلك رجعوا في الألوان إلى المواد الكيميائية، وأنشأوا ورشة للصباغة عهدوا بها إلى السيد دلاييه Delaye . فبعد صباغة الصوف بالمواد المذكورة تقدم إلى الورشات المستعملة لها. ويذهب ميرانت إلى أن هذه العملية قد جاءت بنتائج طيبة جدا. فقد وقع التجديد في الزخرفة (الديكور) وفي الألوان مما أدخل على الفن البربري - العربي حياة قوية وصلبة (٢).

ولكن الذين كتبوا بعد ميرانت لم يكونوا متفائلين مثله. حقيقة أن المحاولات التي ذكرها قد وقعت، كما وقع الربط بين تعليم الفتاة الجزائرية والصناعات المهنية، كالطرز والخياطة وأشغال الإبرة ونحوها. ولكن التجربة قد فشلت فيما يبدو. لقد كان دافع الفرنسيين من إحياء الفن الجزائري الذي تدهور على أيديهم هو الكشف على أن الجزائر كانت بعد استقرار الاحتلال أحسن زبون لهولندا وإيطاليا في المواد الفنية. فكان من أول ما قام به جونار


(١) ميرانت، مرجع سابق، ص ٤٨ - ٤٩. وكان ميرانت معاصرا ومشاركا في توجيه الفنون والصناعات التقليدية في الفترة التي نتحدث عنها.
(٢) نفس المصدر، ص ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>