للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها ولا لأدواته. وتذهب ماري بوجيجا إلى أن هذا الفن أوشك على الانقراض في العهد الاستعماري. وتأسفت أن هذا (الفن الجميل) قد اختفى تقريبا، وذكرت أنه على عهدها (سنة ١٩٢٣) كان الشيخ محمد سفطة (١) - وهو اسم مرتبط أيضا بألوان الموسيقى والألحان - هو الوحيد الذي ما يزال يمارس هذه الصنعة، وذكرت أن هناك أعمالا أخرى شبيهة بها وأصحابها لهم نقابة خاصة بهم.

كان التجليد يقوم على على التزاوج بين الألوان، فهناك اللون الذهبي الممزوج بالبرتقالي واللون البنفسجي الممزوج بالزمرد. وقد اعترفت بوجيجا أنه نتيجة الاحتلال قد اختفى هذا الفن أو كاد. فقد تغير الذوق بالتدرج، وأصبحت خيالات الفنانين، في نظرها ضحلة. وهي لم تقل لماذا وقع ذلك، ولكنه واضح أن الحياة الاجتماعية قد انقلبت بعد الاحتلال، فالجمهور الذي كان يتذوق التجليد بالألوان المذكورة ويدفع في مقابل ذلك المال، قد تراجع واختفى بدوره. وقد هدمت المحلات الخاصة بالصناعات التقليدية، ومنها التجليد والوراقة، لأنها كانت تقع قرب المساجد وفي البازارات والأسواق الشعبية. ومن جهة أخرى لم يعد الفنان يجد الأدوات التي تعود عليها. فقد حلت المطبعة محل النساخ، كما حل جمهور أوروبي لا يتذوق فنه، ونهبت نماذج عديدة من مصنوعاته. وتقول بوجيجا إن الفن الفرنسي - ذوق لويس ١٤ و ١٦ قد أثر على الفن العصري الجزائري فجعله يفقد أصالته (٢).

ومن أواخر من ذكرتهم المصادر في هذا الفن هو الشاعر محمد العلمي. وكان من مواليد المغرب، ثم جاء الجزائر وتتلمذ على الشيخ


(١) ورد اسم الصفطي والسفطي على أنه من الخطاطين والمسفرين للكتب، ومن أعماله خط المصحف الشريف الذي طبعه أحمد وقدور رودوسي. وقد عرفنا أن الشيخ الحدبي كان أيضا يشتغل بتسفير الكتب. انظر فصل الشعر. وفصل المنشآت الثقافية. انظر أيضا فقرة المؤلفات في الخط من هذا الفصل.
(٢) ماري بوجيجا (نحو نهضة ...) في (المجلة الجزائرية) SGAAN، ١٩٢٣، ص، ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>