للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الفنان يظهرهم باللباس الفخم والجواهر، والأسلحة المحلاة بالذهب والفضة، وصناديق النقود، والقصور الفاخرة. كما أن الفنان يرسم المسألة الطبقية في المجتمع بإعطاء الأولوية للأشخاص: ففي الصورة يظهر السيد والمرأة الوصيفة والخصي على الترتيب (١).

دي لاكروا: كان من أوائل الفنانين الذين زاروا الجزائر بعد الحملة مباشرة. وقد قال بعضهم إنه لم يبق سوى ثلاثة أيام، وقال آخر بل هي عشرة أيام (سنة ١٨٣٢). ومع ذلك فقد ترك أثرا فنيا خالدا، وهو لوحته الشهيرة عن (نساء الجزائر). وادعى أنه رأى حريما أو دارا من الداخل المحرم على أمثاله، فصور المنظر الذي قد يكون في أحد المنازل اليهودية، لأنه وصف أيضا بعض الأعراس اليهودية. وقد عرضت لوحته سنة ١٨٣٤ واعتبرت أروع ما أنتج الفن الفرنسي، فقد قيل أنه لأول مرة يقدم فيها الفنان المنظر الشرقي من وثائق محددة وطبقا لمواصفات دقيقة. وقد رسم دي لاكروا لوحة أخرى لمرسى الجزائر، وهي تعتبر لوحة واقعية. وامتاز دي لاكروا بتمثل الطبيعة والقدرة على تفسيرها. وكان من الفنانين الرومانتيكيين، وقد اكتشف في دعواه روما والرومان من خلال المغرب العربي (شمال أفريقية)، فكان معجبا بالقديم شأن معظم أهل هذه الحركة، وهم يعنون بالقديم العهدين الإغريقي والروماني. والمعروف أن دي لاكروا كان أيضا عضوا في البعثة الدبلوماسية للمغرب (مراكش) (٢).

هوراس فيرنيه الذي يسميه البعض (العسكري المصور)، قد زار الجزائر مبعوثا من الحكومة لتصوير معركة قسنطينة الثانية التي انتصر فيها الجيش الفرنسي، والمعروف أن المعركة الأولى (١٨٣٦) قد انهزم فيها هذا


(١) لورنس ميشالاك في (معرفة المغرب - العربي)، باريس، ١٩٨٤، ص ٤٧ - ٦٣. انظر ص ٥٠ منه عن قائمة الفنانين الذين زاروا بلاد المغرب.
(٢) انظر ألازار، مرجع سابق، وبيلي، مرجع سابق ٢٦٢. عن دي لاكروا انظر أيضا عفيف بهنسي (أثر العرب في الفن الحديث)، الباب الثالث، الفصل الأول. وقد تحدث عن تأثره بالحركة الرومانتيكية والروم الشرقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>