وابتداء من سنة ١٨٤٧ بدأ فرومنتان يرسل إلى صالون الفن الذي كان في متحف اللوفر برسوماته. وكان مولعا برسم صور الفلاح الجزائري على حماره وطبيعته، أو صورة القافلة العربية وهي تمزق الأفق بلونها الأسود، مع تصويره للملابس القديمة وعلامات الفقر والضعف والهزيمة. في السنة المذكورة (٧ ١٨٤) أرسل فرومنتان إلى الصالون ثلاث لوحات، ثم توالت لوحاته، وأخذ النقاد يستحسنون أعماله. وحصل له أكبر نجاح سنة ١٨٥٩ حين حصل على ميدالية واستدعاء لمقابلة نابليون الثالث.
اهتم فرومنتان أكثر من شاصيريو بالحياة الجزائرية الواقعية، كان دقيقا في ملاحظاته. وقد عبر عنها بالرسم والكتابة. فمن كتبه (صيف في الصحراء) الذي ظهر سنة ١٨٥٤ و (سنة في الساحل) الذي ظهر سنة ١٨٥٧. لم يكن فرومنتان متعجلا في وصفه للناس والأماكن التي زارها، كان ناضجا في ملاحظاته ويتتبع كل التفاصيل. وكان يتجول على هواه، ويظهر اندماجه في الحياة في الأماكن التي يصفها. وقد عاب على من سبقه اهتمامهم بالسطحي فقط دون العمق، والمظهر دون الجوهر. فالحياة العربية عنده مجبولة على الجدية والصرامة والهدوء والحزن. وقد عرف هو كيف يفسر، حسب النقاد، قوة الضوء في الجنوب. أما في رسوماته فقد اهتم بالأفق، وعناصر فنه هي: الخيل، والأشجار، والإنسان العربي، والسماء (الأفق). غير أن الروح الاستعمارية كانت واضحة عنده. فالجزائر كانت عنده مجرد موضوع جميل، ريفها وصحراؤها وسماؤها، ولذلك فهي موضوع للامتلاك والاستغلال وإذن فهي عنده فريسة يجب قنصها، وقطعة من الشرق يجب فرنستها (١). ومن لوحاته: جمل وجمال، والصيد بالصقور، وقطاع الطرق، وعرب هاجمهم أسد في مضيق.
وبعد هؤلاء حل بالجزائر عدد آخر أو جيل آخر من الفنانين، ولكنهم ظلوا مبهورين بها، ويعتقدون أنهم كانوا (يكتشفونها). ومن هؤلاء غيوميه