للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ما حول المحراب. وقد وضع الفرنسيون في هذا المتحف كل القطع الأثرية والفنية العزيزة، حسب تعبيره.

أما الجامع الكبير بتلسمان فهو مبني بالآجر ومحلى بالفسيفساء الجميلة الأشكال. وممراته خشبية ذات طراز عربي متناسق، وله محراب رائع وقبة جيدة الصنع، وثريا من خشب الأرز الجيد وهي ترجع إلى عهد الملك يغمراسن إذ هو الذي أهداها إلى الجامع خلال القرن ١٣ ميلادي. وجامع سيدي الحلوى له منارة جميلة وغنية بالفسيفساء، بل هي أكثر غنى من منارة الجامع الكبير. ويحتوي على ثماني عرصات يظهر في أعلاها الطراز العربي الجميل، وهي محلاة بالحجر الكريم الأسود. وقد أصبح بابه الكبير مهدما، ولا يمكن التعرف على ثروته الفنية (١). أما جامع خنق النطاح بوهران فهو يرجع إلى القرن ١٨ م فقط، وكان يتمتع بطابع موريسكي، وله زخرفة تقليدية، حسب وصف أوغسطين يرك له. ويقول عنه إنه جامع متفتح جدا على الطبيعة، وهو من رموز الفن الإسلامي في وهران إذ تقابله من الجهة الأخرى معلمة سانتاكروز (٢).

ويذهب بيرك إلى أن (الفن العظيم قد اختفى) من الجزائر. وهو لم يقل إن ذلك كان بفضل سياسة بلاده، ولكنه مفهوم. وهو يقر أن هناك (عظمة) لهذا الفن، اختفت مع الأندلس الغابرة، وتلمسان الزيانية البائدة. إنه فن كان يعطي جاذبية خاصة للمؤمنين وغموضا عبر العصور، حسب تعبيره. وكان بيرك هنا يربط بين الدين والفن. ثم سلط انتقاده اللاذع على المنارة (التركية) التي قال إنها أدت دورها في (التهدئة)، ويقصد بذلك التسلط والجبروت الذي تمثله المنارة لأنها تركية!. وربط بينها وبين السياسة، فقال إن المنارة حكومية وإدارية، ولذلك فهي أقل حدة. وتساءل هل المسألة تتعلق بغلطة تركية؛ إن الداي كان يخشى الثورة عليه من الانكشارية الذين كانوا دائما،


(١) باللو، مرجع سابق، ص ١٧٦ - ١٨٣، قارن وصفه بوصف بروسلار ومارسيه لمساجد تلمسان.
(٢) أ. بيرك، كراسات الاحتفال المئوي، ص ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>