للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخبره بشيء لا من المسلمين ولا من الفرنسيين، بل لم يجد أحدا يهمه الأمر منهم. وبينما هو يعاني الحيرة واليأس علم بوجود نفس المقاول الذي على يديه وقع هدم الزاوية وغيرها لمد الطريق المذكور، فقصده وسأله فوجد أن ذاكرته قد ضعفت بعد أكثر من عشر سنوات على عملية الهدم، ولكنه دله على كومة من الخرائب ترجع كلها إلى المباني التي خربت على يديه، ورخص له بالبحث فيها وأن يأخذ منها ما يريد. وقد وجد بيقوني النقيشة في حالة يرثى لها، حسب قوله، ولكن يمكن استعادتها، وقد فعل ووضعها في إحدى القاعات (بالمتحف) فكانت تمثل منظرا جميلا. وإليك النص كما وجده بيقوني في النقيشة: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال. بيت مرفعة بالذكر عامرة، لله قائمة، يغفر لمن فيها ... الخ) (١).

وفي هذا النطاق اتسع الاهتمام بالآثار الإسلامية إلى حد ما، ولكن بعد إهمال دام عقودا وبعد عمليات الهدم وتحويل المعالم نفسها عن أغراضها. ففي سنة ١٩٠٥ (عهد جونار) صدر قرار يعتبر بعض المعالم جزءا من الآثار التي تجب المحافظة عليها. ومن ذلك في العاصمة بعض الأضرحة (ضريح حسن باشا بن علي، وكانت له قبة، وضريح الأميرة في الحديقة المجاورة لسيدي عبد الرحمن الثعالبي). وكذلك جامع سفير (صفر)، وجامع سيدي محمد الشريف، وبعض العيون مثل العين الواقعة بالأميرالية (٢). ونفس الشيء وقع في غير العاصمة أيضا.

ولكن معظم الفرنسيين في الجزائر كانوا معارضين لهذا التوجه عندئذ. وقد كشف الأخوان (جورج وويليام) مارسيه في كتابهما عن (المعالم العربية في تلمسان) عن ذلك حين وصفا هذا الاتجاه لدى الفرنسيين القاطنين في


(١) بيقوني E. BEGONET (كتابة عربية من قسنطينة) في المجلة الإفريقية، ١٩٠٣، ص ٣٠٥ - ٣١١. ذكر منها تسعة أسطر، وتوجد صورة للنقيشة نفسها، وجاء في آخر المقال أن بيقوني قد توفي قبل ظهور المقال عن ٧٢ سنة.
(٢) المجلة الإفريقية، ١٩٠٦، ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>