للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحجازية، وأتم حجه، ورجع إلى بوسعادة التي اتخذها مقرا له في سبتمبر ١٩٢٩. ولم تطل به الحياة بعد ذلك. فقد سافر إلى باريس فأصابته هناك نوبة قلبية فتوفى على إثرها، وأوصى أن ينقل جثمانه ويدفن في بوسعادة، ووقع ذلك بالفعل في ٢١ يناير ١٩٣٠. وحضر جنازته هناك بعض أعيان الجزائر، ومنهم الشيخ الطيب العقبي والشيخ أحمد توفيق المدني. وقد تركا لنا وصفا بالصور للتأبين والحضور، نشرة مجلة الشهاب (١). ويبدو أن معظم المسلمين في الجزائر اعتبروا اعتناق ديني الإسلام انتصارا لهم، وربما كان اهتمامه بالحياة العربية مما قربه إلى نفوسهم. ولا ندري إن كان لجان ميرانت المسؤول عن الشؤون الأهلية عندئذ، دور في هذه الأحداث.

ترك ناصر الدين ديني مجموعة من اللوحات التي خلدت الوجوه العربية وحياة الصحراء والطقوس الإسلامية. وهي تظهر تأثره بالطبيعة الجزائرية وتعكس مدرسته الفنية المتميزة. ويجب القول إن بعض لوحاته كانت بذيئة جدار من حيث الذوق العام، رغم أنها كانت ترضى الذوق الفرنسي ولا تجرح الذوق الأوروبي، سيما (الرقصة النائلية)، وكان ديني مثل الفنانين الفرنسيين الآخرين قد تبنوا الموضوعات الاستعمارية ومنها إظهار الإنسان الأهلى فى صورة البدائي المتخلف، أو الوحشية الفطرية، كما سماها بعضهم، ولا ندري إن كان ديني قد بقي على رأيه في مثل هذه الصور حتى بعد اعتناقه الإسلام، واقترابه من المشاعر العربية.

من لوحاته الدينية: (العرب أثناء الصلاة)، وهي تمثل صورة ثلاثة من الرجال في حالة التأهب للتكبير وهم بلباسهم الإسلامي الأبيض، ولكنه أضفى على الصورة ألوانه الخاصة، وجعل حركات أيديهم ولمعان عيونهم كأنها ناطقة. ومنها (أطفال العرب أثناء كتابة الألواح) في المدرسة القرآنية التقليدية. وهي أيضا لوحة نابضة بالحياة. وله لوحات أخرى اجتماعية


(١) انظر الشهاب عدد يناير ١٩٣٠. وكذلك أحمد توفيق المدني (حياة كفاح) ٢/ وأطروحة أحمد مريوش عن الشيخ العقبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>