للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزخرفة في المنازل والتجليد وبعض الرسوم والنقوش. ورغم ما قيل من أن الإسلام يحرم التصوير، فإن الآثار تدل على عدم الالتزام بذلك دائما. وقد ظهرت الزخرفة على الأكثر في توظيف النباتات أكثر من الحيوانات في الرسم والتصوير. والمعروف أن أوليات الرسم عند الجزائريين تبدأ من المدرسة القرآنية حين يرسم التلميذ على لوحته رسوما مختلفة ويلونها بما أمكنه من الألوان. وقد يرسم عندئذ ما في محيطه من أشجار وعصافير وخطوط. وهو يلجأ إلى رسم معين ويتفنن فيه كلما أكمل (ختمة) لحزب من القرآن. وكثيرا ما يباهي التلميذ بذلك أقرانه. وقد يكتب سورة الفاتحة ويحيطها بإطار ملون جميل فيه أشكال هندسية على قدر عقله ومحيطه.

وكان المتوقع أن تزدهر الفنون بالجزائر مع تقدم العلم والفن والاتصال مع الخارج. ولكن الذي حدث هو العكس، كما لاحظت ماري بوجيجا، فقد انقطع الإنتاج القديم ولم يحدث الجديد. وعاش الفنانون الجزائريون عهدا طويلا من الظلام الدامس دام أكثر من سبعين سنة (جيلان تقريبا). فخلال هذا العهد الطويل لا نكاد نجد من استعمل الرسم والزخرفة، لأن الأذواق اختلفت، والإمكانات انقطعت، ومجالات العمل بهذه الفنون قد تولاها الغير، مثل فن البناء والتجليد. ولم تستأنف المسيرة الفنية نشاطها المحدود إلا في آخر القرن الماضي، مع أفراد من عائلات عريقة كعائلة ابن الحفاف، وعائلة ابن سماية، وسارمشق، وفرفارة.

لا ندري إن كانت عائلة الهاشمي سارمشق قد واصلت فنها خلال العهد الاستعماري، فنحن لا نكاد نجد لها صدى في ما عندنا، من وثائق وآثار، بينما كانت لها آثار هائلة في تلمسان ومعسكر في آخر القرن الثامن عشر، ومن آثارها نقش وزخرفة مدخل ضريح سيدي بومدين (١٢٠٨ هـ/


= مهد صناعة الفسيفساء والزليج المذهب بشكل نادر ومتقن. وكانت صناعة الفخار فيها تمثل الذوق والفن الرفيع، وهو الفخار الذي كان يصدر إلى إيطاليا وجزر الباليار وإلى أواسط فرنسا. انظر ماري بوجيجا (نحو نهضة للفنون الجزائرية) في المجلة الجزائرية SGAAN ١٩٢٣، ص ٣٨٨ - ٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>